وقال الشيخ الإمام إمام تلك [ ص: 180 ] النواحي علما ودينا، في عقيدته التي ذكر أنها عقيدة أهل السنة، والجماعة، وهي العقيدة التي كتبها الخليفة «أبو أحمد الكرجي القصاب» «القادر» وقرأها على الناس، وجمعهم عليها، وأقر بها طوائف السنة، واستتاب من خرج عن السنة من المعتزلة والرافضة ونحوهم، سنة ثلاث عشرة وأربعمائة، وتبعه في نحو ذلك ذو السلطان بأرض المشرق، وكان ذلك عند [ ص: 181 ] ظهور «محمود بن سبكتكين» القرامطة الباطنية بمصر، في إمارة الحاكم، وما قبله وبعده من الأمور التي جرت في خلافة «القادر» التي أظهر فيها السنة، وأبطل البدعة، حتى أن الشيخ [ ص: 182 ] و «أبا حامد الإسفراييني» «أبا عبد الله بن حامد» وغيرهما أظهروا الإنكار على «أبي بكر بن الطيب» في أشياء خالف بها السنة حتى سرى من بعض ذلك فتن، وصنف القاضي «أبو بكر» كتابه المشهور «في كشف أسرار الباطنية وهتك أستارهم»، وكانت وفاة هؤلاء متقاربة بعيد المائة الرابعة، ثم كان ما فعله «القادر» من قراءة عقيدته بمحضر من أئمة المذاهب، قال فيها: «كان ربنا وحده، ولا شيء معه، ولا مكان يحويه، فخلق كل شيء بقدرته، وخلق العرش لا لحاجته إليه، فاستوى عليه استواء استقرار، كيف شاء وأراد، لا استقرار راحة، كما يستريح الخلق، وهو مدبر السموات والأرضين، ومدبر ما فيهما، ومن في البر والبحر، لا مدبر غيره، ولا حافظ سواه، يرزقهم ويمرضهم، ويعافيهم ويميتهم، والخلق كلهم عاجزون، والملائكة والنبيون والمرسلون، وسائر الخلق أجمعون، وهو [ ص: 183 ] القادر بقدرته والعالم بعلم، أزلي غير مستفاد، هو السميع بسمع، والبصير ببصر، يعرف صفتهما من نفسه، لا يبلغ كنههما أحد من خلقه، متكلم بكلام يخرج منه، لا بآلة مخلوقة، كآلة المخلوقين، لا يوصف إلا بما وصف به نفسه، أو وصفه بها نبيه صلى الله عليه وسلم، وكل صفة وصف بها نفسه، أو وصفه بها نبيه، فهي صفة حقيقة لا صفة مجاز».