الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
معلومات الكتاب

بيان تلبيس الجهمية في تأسيس بدعهم الكلامية

ابن تيمية - أحمد بن عبد الحليم بن تيمية الحراني

صفحة جزء
وإنما معنى كون آدم، وداود، والآدميين، خلائف، أنهم [ ص: 590 ] يخلفون غيرهم من المخلوقات، لا أنهم يخلفون الخالق، كما قال تعالى: وعد الله الذين آمنوا منكم وعملوا الصالحات ليستخلفنهم في الأرض كما استخلف الذين من قبلهم وليمكنن لهم دينهم الذي ارتضى لهم [النور: 55]، وقال تعالى: ولقد أهلكنا القرون من قبلكم لما ظلموا وجاءتهم رسلهم بالبينات وما كانوا ليؤمنوا كذلك نجزي القوم المجرمين ثم جعلناكم خلائف في الأرض من بعدهم [يونس: 13-14] وقال تعالى: وهو الذي جعلكم خلائف الأرض ورفع بعضكم فوق بعض درجات ليبلوكم في ما آتاكم [الأنعام: 165] وقال تعالى في قصة نوح: فكذبوه فنجيناه ومن معه في الفلك وجعلناهم خلائف [يونس: 73] وقال تعالى: وربك الغني ذو الرحمة إن يشأ يذهبكم ويستخلف من بعدكم ما يشاء كما أنشأكم من ذرية قوم آخرين [الأنعام: 133]، وقال تعالى -في خطاب هود لقومه: واذكروا إذ جعلكم خلفاء من بعد قوم نوح وزادكم في الخلق بسطة [الأعراف: 69]، وفي خطاب صالح لقومه: واذكروا إذ جعلكم خلفاء من بعد عاد وبوأكم في الأرض تتخذون من سهولها قصورا وتنحتون الجبال بيوتا فاذكروا آلاء الله [الأعراف: 74] وقال في خطاب موسى لقومه: عسى ربكم أن يهلك عدوكم ويستخلفكم في الأرض فينظر كيف تعملون [الأعراف: 129].

وقال النبي صلى الله عليه وسلم: "من جهز غازيا فقد غزا، ومن خلفه في [ ص: 591 ] أهله بخير فقد غزا"، وقال: "أو كلما نفرنا في سبيل الله خلف أحدهم" وقال تعالى: فخلف من بعدهم خلف ورثوا الكتاب [ ص: 592 ] [الأعراف: 169] وقال تعالى: هو الذي جعلكم خلائف في الأرض فمن كفر فعليه كفره ولا يزيد الكافرين كفرهم عند ربهم إلا مقتا ولا يزيد الكافرين كفرهم إلا خسارا [فاطر: 39]، وقال تعالى: إنما السبيل على الذين يستأذنونك وهم أغنياء رضوا بأن يكونوا مع الخوالف [التوبة: 93]، وقال: فإن رجعك الله إلى طائفة منهم فاستأذنوك للخروج فقل لن تخرجوا معي أبدا ولن تقاتلوا معي عدوا إنكم رضيتم بالقعود أول مرة فاقعدوا مع الخالفين [التوبة: 83].

ولهذا قيل للصديق: "يا خليفة الله، فقال لست بخليفة الله، ولكن خليفة رسول الله صلى الله عليه وسلم وحسبي ذاك".

التالي السابق


الخدمات العلمية