وأما فإذا قيل: إن الله تعالى يأتي في صفته امتنع على قول أولئك أن يراد الأفعال، وأما على قول هؤلاء فيكون الله في نفس ما يقوم به من الفعل لا إتيان المفعول المجرد؛ وذلك لأن الصفة إما أن يراد بها القول لفظه ومعناه، وإما أن يراد بها المعاني القائمة بالموصوف، وعلى التقديرين فالمخلوقات ليست داخلة في صفات الله تعالى. جمهور الفقهاء وأهل الحديث والصوفية وطوائف من أهل الكلام فيقولون: إن الفعل نفسه والخلق من صفاته، ولكن المخلوق ليس من صفاته،
الوجه الثاني عشر: أنه لو كان اللفظ: «فيأتيهم الله في صورة عظيمة أو في صفة عظيمة» كما يقال: «جاء الملك في صورة عظيمة، ودخل المدينة على صفة عظيمة» ونحو ذلك، وادعوا مع ذلك أن الصورة والصفة هي المخلوق - لم يكن في الإحالة كما ادعوه في ألفاظ النصوص؛ لأن قوله: «في صورة وفي صفة» نكرة مثبتة، لم يعين صاحبها، فأما إذا قيل: في صورته التي يعرفون وصورته التي لا يعرفون، وفي صورة غير صورته التي رأوه فيها أول مرة. وقيل: إن الصورة بمعنى [ ص: 106 ] الصفة كان ذلك صفة له، فيمتنع أن يكون عائدا إلى غيره، كما أنهم لما تأولوا في قوله: أي: على صفته كانت الصفة لله ما يوصف به من كونه عليما قديرا، أو مدبرا، أو ملكا، أو نحو ذلك لم يكن مجرد صفة المخلوق بهذا الحديث، قيل: خلق الله آدم على صورته. «خلق آدم على صورته»
الوجه الثالث عشر: أنه لو قيل ذلك منكرا، لقيل: فيأتيهم في صورة أو صفة، لوجب أن يكون هو الآتي، وأن يكون موصوفا بما يعود إليه من حكم ذلك، كما في قولهم: جاء الملك في صورة عظيمة أو صفة عظيمة، فإن هذا اللفظ لا يقتضي أن الجائي مجرد مفعوله، بل لا بد أن يكون هو الجائي في صورة أو صفة عظيمة، فكيف إذا كان النص: مع ما تقدم من الألفاظ. «فيأتيهم الله في صورته التي رأوه فيها أول مرة»؟!