فأما
nindex.php?page=treesubj&link=31756_20445قول الدهرية: بأن السموات لم تزل على ما هي عليه، ولا تزال، فهذا تكذيب صريح وكفر بين بما في القرآن، وما اتفق عليه أهل الإيمان، وعلموه بالاضطرار أن الرسل أخبروا به. وكذلك
nindex.php?page=treesubj&link=20445_31752_31751_31756قول الجهمية أو من يقول منهم: إن السموات والأرض خلقتا من غير مادة ولا في مدة وأنهما يفنيان أو يعدمان، أو أن الجنة تفنى أيضا، كل ذلك مخالف لنصوص القرآن، ولهذا كفر السلف هؤلاء، وإن كان كفر الأولين أظهر وأبين، لكن لم تكن
الدهرية تتظاهر بقوله في زمن السلف، كما تظاهرت
الجهمية بذلك، وسيأتي إن شاء الله تعالى الكلام في ذلك عند احتجاج المؤسس على نفي العلو بقوله:
nindex.php?page=tafseer&surano=57&ayano=3هو الأول والآخر [الحديد: 3] كما احتج بها
الجهمية قبله.
والطريق إلى معرفة ما جاء به الرسول أن تعرف ألفاظه الصحيحة، وما فسرها به الذين تلقوا عنه اللفظ والمعنى، ولغتهم التي كانوا يتخاطبون بها، وما حدث من العبارات وتغير من الاصطلاحات.
[ ص: 474 ] ولفظ «العالم» ليس في القرآن، ولا يوجد في كلام النبي صلى الله عليه وسلم، ولا كلام أحد من الصحابة والتابعين، وإنما الموجود لفظ (العالمين) وفيه العموم، كقوله:
nindex.php?page=tafseer&surano=1&ayano=2رب العالمين [الفاتحة: 2] وقد يقال: فيه خصوص، كقوله:
nindex.php?page=tafseer&surano=45&ayano=16وفضلناهم على العالمين [الجاثية: 16] وقوله:
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=42واصطفاك على نساء العالمين [آل عمران: 42] وقوله تعالى:
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=80ما سبقكم بها من أحد من العالمين [الأعراف: 80] عند من يجعل ذلك المراد به الآدميون أو أهل عصرهم.
وكذلك لفظ «الخلق» هو معرف باللام، ففيه عموم، وقد ينصرف إلى المعهود، الذي هو أخص من جملة المخلوقات كقوله في حديث خلق آدم:
nindex.php?page=hadith&LINKID=653079«فلم يزل الخلق ينقص حتى الآن» وفي الحديث المتقدم ذلك، وكذلك قوله في حديث الخلق:
nindex.php?page=hadith&LINKID=662005«وخلق آدم بعد العصر من يوم الجمعة، آخر الخلق، في آخر ساعة من ساعات الجمعة، فيما بين العصر إلى الليل». [ ص: 475 ] والله سبحانه وتعالى أعلم.
فَأَمَّا
nindex.php?page=treesubj&link=31756_20445قَوْلُ الدَّهْرِيَّةِ: بِأَنَّ السَّمَوَاتِ لَمْ تَزَلْ عَلَى مَا هِيَ عَلَيْهِ، وَلَا تَزَالُ، فَهَذَا تَكْذِيبٌ صَرِيحٌ وَكُفْرٌ بَيِّنٌ بِمَا فِي الْقُرْآنِ، وَمَا اتَّفَقَ عَلَيْهِ أَهْلُ الْإِيمَانِ، وَعَلِمُوهُ بِالِاضْطِرَارِ أَنَّ الرُّسُلَ أَخْبَرُوا بِهِ. وَكَذَلِكَ
nindex.php?page=treesubj&link=20445_31752_31751_31756قَوْلُ الْجَهْمِيَّةِ أَوْ مَنْ يَقُولُ مِنْهُمْ: إِنَّ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضَ خُلِقَتَا مِنْ غَيْرِ مَادَّةٍ وَلَا فِي مُدَّةٍ وَأَنَّهُمَا يَفْنَيَانِ أَوْ يُعْدَمَانِ، أَوْ أَنَّ الْجَنَّةَ تَفْنَى أَيْضًا، كُلُّ ذَلِكَ مُخَالِفٌ لِنُصُوصِ الْقُرْآنِ، وَلِهَذَا كَفَّرَ السَّلَفُ هَؤُلَاءِ، وَإِنْ كَانَ كُفْرُ الْأَوَّلِينَ أَظْهَرَ وَأَبْيَنَ، لَكِنْ لَمْ تَكُنِ
الدَّهْرِيَّةُ تَتَظَاهَرُ بِقَوْلِهِ فِي زَمَنِ السَّلَفِ، كَمَا تَظَاهَرَتِ
الْجَهْمِيَّةُ بِذَلِكَ، وَسَيَأْتِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى الْكَلَامُ فِي ذَلِكَ عِنْدَ احْتِجَاجِ الْمُؤَسِّسِ عَلَى نَفْيِ الْعُلُوِّ بِقَوْلِهِ:
nindex.php?page=tafseer&surano=57&ayano=3هُوَ الأَوَّلُ وَالآخِرُ [الْحَدِيدُ: 3] كَمَا احْتَجَّ بِهَا
الْجَهْمِيَّةُ قَبْلَهُ.
وَالطَّرِيقُ إِلَى مَعْرِفَةِ مَا جَاءَ بِهِ الرَّسُولُ أَنْ تُعْرَفَ أَلْفَاظُهُ الصَّحِيحَةُ، وَمَا فَسَّرَهَا بِهِ الَّذِينَ تَلَقَّوْا عَنْهُ اللَّفْظَ وَالْمَعْنَى، وَلُغَتُهُمُ الَّتِي كَانُوا يَتَخَاطَبُونَ بِهَا، وَمَا حَدَثَ مِنَ الْعِبَارَاتِ وَتَغَيَّرَ مِنَ الِاصْطِلَاحَاتِ.
[ ص: 474 ] وَلَفْظُ «الْعَالَمِ» لَيْسَ فِي الْقُرْآنِ، وَلَا يُوجَدُ فِي كَلَامِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَلَا كَلَامِ أَحَدٍ مِنَ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ، وَإِنَّمَا الْمَوْجُودُ لَفْظُ (الْعَالَمِينَ) وَفِيهِ الْعُمُومُ، كَقَوْلِهِ:
nindex.php?page=tafseer&surano=1&ayano=2رَبِّ الْعَالَمِينَ [الْفَاتِحَةُ: 2] وَقَدْ يُقَالُ: فِيهِ خُصُوصٌ، كَقَوْلِهِ:
nindex.php?page=tafseer&surano=45&ayano=16وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى الْعَالَمِينَ [الْجَاثِيَةُ: 16] وَقَوْلِهِ:
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=42وَاصْطَفَاكِ عَلَى نِسَاءِ الْعَالَمِينَ [آلُ عِمْرَانَ: 42] وَقَوْلِهِ تَعَالَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=80مَا سَبَقَكُمْ بِهَا مِنْ أَحَدٍ مِنْ الْعَالَمِينَ [الْأَعْرَافُ: 80] عِنْدَ مَنْ يَجْعَلُ ذَلِكَ الْمُرَادُ بِهِ الْآدَمِيُّونَ أَوْ أَهْلُ عَصْرِهِمْ.
وَكَذَلِكَ لَفْظُ «الْخَلْقِ» هُوَ مُعَرَّفٌ بِاللَّامِ، فَفِيهِ عُمُومٌ، وَقَدْ يَنْصَرِفُ إِلَى الْمَعْهُودِ، الَّذِي هُوَ أَخَصُّ مِنْ جُمْلَةِ الْمَخْلُوقَاتِ كَقَوْلِهِ فِي حَدِيثِ خَلْقِ آدَمَ:
nindex.php?page=hadith&LINKID=653079«فَلَمْ يَزَلِ الْخَلْقُ يَنْقُصُ حَتَّى الْآنَ» وَفِي الْحَدِيثِ الْمُتَقَدِّمِ ذَلِكَ، وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ فِي حَدِيثِ الْخَلْقِ:
nindex.php?page=hadith&LINKID=662005«وَخَلَقَ آدَمَ بَعْدَ الْعَصْرِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ، آخِرَ الْخَلْقِ، فِي آخِرِ سَاعَةٍ مِنْ سَاعَاتِ الْجُمُعَةِ، فِيمَا بَيْنَ الْعَصْرِ إِلَى اللَّيْلِ». [ ص: 475 ] وَاللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ.