[ ص: 86 ] قلت: كون هذه السورة من المحكمات وكون كل مذهب يخالفها باطلا هو حق لا ريب فيه بل هذه السورة تعدل ثلث القرآن كما ثبت ذلك في الأحاديث الصحيحة وهي صفة الرحمن كما ثبت ذلك في الحديث الصحيح، وعليها اعتمد
[ ص: 87 ] الأئمة في تنزيه الله كما ذكره
nindex.php?page=showalam&ids=14919الفضيل بن عياض nindex.php?page=showalam&ids=12251والإمام أحمد وغيرهم من أئمة الإسلام وهي على نقيض مطلوب
[ ص: 88 ] الجهمية أدل منها على مطلوبهم كما قررناه في موضعه، وربما نذكر منه هنا ما ييسره الله.
لكن سائر
nindex.php?page=treesubj&link=29475_28713_29682الآيات المذكورة فيها أسماء الله وصفاته مثل آية الكرسي وأول الحديد وآخر الحشر ونحو ذلك هي كذلك كل ذلك من الآيات المحكمات، لكن هذه السورة ذكر فيها ما لم يذكر في غيرها من اسمه الأحد
[ ص: 89 ] الصمد ومثل نفي الأصول والفروع والنظراء جميعا وإلا فاسمه الرحمن أنزله الله لما أنكر المشركون هذا الاسم، فأثبته الله لنفسه ردا عليهم وهذا أبلغ في كونه محكما من هذه السورة؛ إذ الرد على المنكر أبلغ في إثبات نقيض قوله من جواب السائل الذي لم يرد عليه بنفي ولا إثبات، وقد قال:
nindex.php?page=tafseer&surano=25&ayano=60وإذا قيل لهم اسجدوا للرحمن قالوا وما الرحمن أنسجد لما تأمرنا وزادهم نفورا [الفرقان 60] .
وقال تعالى:
nindex.php?page=tafseer&surano=13&ayano=30كذلك أرسلناك في أمة قد خلت من قبلها أمم لتتلو عليهم الذي أوحينا إليك وهم يكفرون بالرحمن قل هو ربي لا إله إلا هو عليه توكلت وإليه متاب [الرعد 30] وكذلك قول
فرعون nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=36يا هامان ابن لي صرحا لعلي أبلغ الأسباب nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=37أسباب السماوات فأطلع إلى إله موسى وإني لأظنه كاذبا [غافر 36-37] هذا أبلغ في كون
موسى صرح له بأن إلهه فوق السموات حتى قصد تكذيبه بالفعل من الإخبار عن ذلك بلفظ
موسى.
وكذلك مسألة الصحابة للنبي صلى الله عليه وسلم:
nindex.php?page=hadith&LINKID=654215هل نرى ربنا يوم القيامة؟ فقال: هل تضارون في رؤية الشمس صحوا ليس دونها سحاب؟ وهل تضارون في رؤية القمر صحوا ليس دونه سحاب؟ فقالوا: لا، قال: فإنكم لا تضارون في رؤيته كما لا تضارون في [ ص: 90 ] رؤية الشمس والقمر.
وسائر ما في هذا المعنى من الأحاديث الصحيحة الصريحة المتواترة مع ورودها على سؤال السائل وجوابه بهذا التصريح هو من أبلغ ما يكون في
nindex.php?page=treesubj&link=28725إثبات هذه الرؤية وأبعد عن التشابه كما يظنه
الرازي وغيره ممن يحرف الرؤية عن حقيقتها اتباعا
nindex.php?page=showalam&ids=15211للمريسي وغيره من
الجهمية وإن كان
الرازي في
[ ص: 91 ] الظاهر مقرا بالرؤية فإن إقراره بها كإقرار
nindex.php?page=showalam&ids=15211المريسي وذويه بألفاظها ثم يحرفون الكلم عن مواضعه.
[ ص: 86 ] قُلْتُ: كَوْنُ هَذِهِ السُّورَةِ مِنَ الْمُحْكَمَاتِ وَكَوْنُ كُلِّ مَذْهَبٍ يُخَالِفُهَا بَاطِلًا هُوَ حَقٌّ لَا رَيْبَ فِيهِ بَلْ هَذِهِ السُّورَةُ تَعْدِلُ ثُلْثَ الْقُرْآنِ كَمَا ثَبَتَ ذَلِكَ فِي الْأَحَادِيثِ الصَّحِيحَةِ وَهِيَ صِفَةُ الرَّحْمَنِ كَمَا ثَبَتَ ذَلِكَ فِي الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ، وَعَلَيْهَا اعْتَمَدَ
[ ص: 87 ] الْأَئِمَّةُ فِي تَنْزِيهِ اللَّهِ كَمَا ذَكَرَهُ
nindex.php?page=showalam&ids=14919الْفُضَيْلُ بْنُ عِيَاضٍ nindex.php?page=showalam&ids=12251وَالْإِمَامُ أَحْمَدُ وَغَيْرُهُمْ مِنْ أَئِمَّةِ الْإِسْلَامِ وَهِيَ عَلَى نَقِيضِ مَطْلُوبِ
[ ص: 88 ] الْجَهْمِيَّةِ أَدُلُّ مِنْهَا عَلَى مَطْلُوبِهِمْ كَمَا قَرَّرْنَاهُ فِي مَوْضِعِهِ، وَرُبَّمَا نَذْكُرُ مِنْهُ هُنَا مَا يُيَسِّرُهُ اللَّهُ.
لَكِنَّ سَائِرَ
nindex.php?page=treesubj&link=29475_28713_29682الْآيَاتِ الْمَذْكُورَةِ فِيهَا أَسْمَاءُ اللَّهِ وَصِفَاتُهُ مِثْلَ آيَةِ الْكُرْسِيِّ وَأَوَّلِ الْحَدِيدِ وَآخِرِ الْحَشْرِ وَنَحْوِ ذَلِكَ هِيَ كَذَلِكَ كُلُّ ذَلِكَ مِنَ الْآيَاتِ الْمُحْكَمَاتِ، لَكِنَّ هَذِهِ السُّورَةَ ذُكِرَ فِيهَا مَا لَمْ يُذْكَرْ فِي غَيْرِهَا مِنَ اسْمِهِ الْأَحَدِ
[ ص: 89 ] الصَّمَدِ وَمِثْلَ نَفْيِ الْأُصُولِ وَالْفُرُوعِ وَالنُّظَرَاءِ جَمِيعًا وَإِلَّا فَاسْمُهُ الرَّحْمَنُ أَنْزَلَهُ اللَّهُ لَمَّا أَنْكَرَ الْمُشْرِكُونَ هَذَا الِاسْمَ، فَأَثْبَتَهُ اللَّهُ لِنَفْسِهِ رَدًّا عَلَيْهِمْ وَهَذَا أَبْلَغُ فِي كَوْنِهِ مُحْكَمًا مِنْ هَذِهِ السُّورَةِ؛ إِذِ الرَّدُّ عَلَى الْمُنْكِرِ أَبْلَغُ فِي إِثْبَاتِ نَقِيضِ قَوْلِهِ مِنْ جَوَابِ السَّائِلِ الَّذِي لَمْ يُرَدَّ عَلَيْهِ بِنَفْيٍ وَلَا إِثْبَاتٍ، وَقَدْ قَالَ:
nindex.php?page=tafseer&surano=25&ayano=60وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اسْجُدُوا لِلرَّحْمَنِ قَالُوا وَمَا الرَّحْمَنُ أَنَسْجُدُ لِمَا تَأْمُرُنَا وَزَادَهُمْ نُفُورًا [الْفَرْقَانُ 60] .
وَقَالَ تَعَالَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=13&ayano=30كَذَلِكَ أَرْسَلْنَاكَ فِي أُمَّةٍ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهَا أُمَمٌ لِتَتْلُوَ عَلَيْهِمُ الَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ وَهُمْ يَكْفُرُونَ بِالرَّحْمَنِ قُلْ هُوَ رَبِّي لا إِلَهَ إِلا هُوَ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ مَتَابِ [الرَّعْدُ 30] وَكَذَلِكَ قَوْلُ
فِرْعَوْنَ nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=36يَا هَامَانُ ابْنِ لِي صَرْحًا لَعَلِّي أَبْلُغُ الأَسْبَابَ nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=37أَسْبَابَ السَّمَاوَاتِ فَأَطَّلِعَ إِلَى إِلَهِ مُوسَى وَإِنِّي لأَظُنُّهُ كَاذِبًا [غَافِرٌ 36-37] هَذَا أَبْلَغُ فِي كَوْنِ
مُوسَى صَرَّحَ لَهُ بِأَنَّ إِلَهَهُ فَوْقَ السَّمَوَاتِ حَتَّى قَصَدَ تَكْذِيبَهُ بِالْفِعْلِ مِنَ الْإِخْبَارِ عَنْ ذَلِكَ بِلَفْظِ
مُوسَى.
وَكَذَلِكَ مَسْأَلَةُ الصَّحَابَةِ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
nindex.php?page=hadith&LINKID=654215هَلْ نَرَى رَبَّنَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ؟ فَقَالَ: هَلْ تُضَارُّونَ فِي رُؤْيَةِ الشَّمْسِ صَحْوًا لَيْسَ دُونَهَا سَحَابٌ؟ وَهَلْ تُضَارُّونَ فِي رُؤْيَةِ الْقَمَرِ صَحْوًا لَيْسَ دُونَهُ سَحَابٌ؟ فَقَالُوا: لَا، قَالَ: فَإِنَّكُمْ لَا تُضَارُّونَ فِي رُؤْيَتِهِ كَمَا لَا تُضَارُّونَ فِي [ ص: 90 ] رُؤْيَةِ الشَّمْسِ وَالْقَمَرِ.
وَسَائِرُ مَا فِي هَذَا الْمَعْنَى مِنَ الْأَحَادِيثِ الصَّحِيحَةِ الصَّرِيحَةِ الْمُتَوَاتِرَةِ مَعَ وُرُودِهَا عَلَى سُؤَالِ السَّائِلِ وَجَوَابِهِ بِهَذَا التَّصْرِيحِ هُوَ مِنْ أَبْلَغِ مَا يَكُونُ فِي
nindex.php?page=treesubj&link=28725إِثْبَاتِ هَذِهِ الرُّؤْيَةِ وَأَبْعَدُ عَنِ التَّشَابُهِ كَمَا يَظُنُّهُ
الرَّازِي وَغَيْرُهُ مِمَّنْ يُحَرِّفُ الرُّؤْيَةَ عَنْ حَقِيقَتِهَا اتِّبَاعًا
nindex.php?page=showalam&ids=15211لِلْمَرِيسِي وَغَيْرِهِ مِنَ
الْجَهْمِيَّةِ وَإِنْ كَانَ
الرَّازِي فِي
[ ص: 91 ] الظَّاهِرِ مُقِرًّا بِالرُّؤْيَةِ فَإِنَّ إِقْرَارَهُ بِهَا كَإِقْرَارِ
nindex.php?page=showalam&ids=15211الْمَرِيسِي وَذَوِيهِ بِأَلْفَاظِهَا ثُمَّ يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَنْ مَوَاضِعِهِ.