وإذا عرفت أصل هذا الكلام فجميع السلف والأئمة الذين بلغهم ذلك أنكروا ما فيه من هذه المعاني السلبية التي تنافي ما جاء به الكتاب والسنة.
ثم من كان من السلف أخبر بحال الجهمية مثل الذين كانوا يباشرونهم من السلف والأئمة الذين بالعراق وخراسان إذ [ ص: 697 ] ذاك؛ فإنهم كانوا أخبر بحقيقة أمرهم لمجاورتهم لهم؛ فإنهم قد يتكلمون بنقيض ما نفوه. وقد يتوقف بعضهم عن إطلاق اللفظ مثل فإن المشاهير بالإمامة في السنة أثبتوه كما ذكره لفظ الحد عنهم وسمى عثمان بن سعيد ابن المبارك.
وذكر في كتاب ذم الكلام بإسناد ما ذكره شيخ الإسلام أبو إسماعيل الأنصاري الهروي صاحب حرب بن إسماعيل الكرماني أحمد وإسحاق في مسائله عنهما وعن غيرهما، قال: قلت لإسحاق بن إبراهيم: ما تقول في قوله: ما يكون من نجوى ثلاثة إلا هو رابعهم [المجادلة 7] الآية؟ قال: حيث ما كنت هو أقرب إليك من حبل الوريد وهو بائن من خلقه، قلت لإسحاق: على العرش بحد؟ قال: نعم بحد، وذكره عن قال: هو على عرشه بائن من خلقه بحد. وذكر أيضا ما ذكره ابن المبارك، بإسناده أن ابن أبي [ ص: 698 ] حاتم هشام بن عبيد الله الرازي القاضي صاحب حبس رجلا في التجهم فتاب فجيء به إلى محمد بن الحسن هشام ليمتحنه، فقال: الحمد لله على التوبة، أتشهد أن الله على عرشه بائن من خلقه؟ قال: أشهد أن الله على عرشه ولا أدري ما بائن من خلقه، فقال: ردوه إلى الحبس فإنه لم يتب.