الوجه الثاني: أن باليد والأصبع أو العين أو الرأس أو غير ذلك من الإشارات الحسية قد تواترت به السنن عن النبي صلى الله عليه وسلم واتفق عليه المسلمون وغير المسلمين قال تعالى: الإشارة إلى فوق إلى الله في الدعاء وغير الدعاء قد نرى تقلب وجهك في السماء فلنولينك قبلة ترضاها فول وجهك شطر المسجد الحرام [البقرة: 144] وعن عن النبي صلى الله عليه وسلم: " ابن مسعود رواه ما من حاكم يحكم بين الناس إلا حبس يوم القيامة وملك آخذ بقفاه حتى يوقفه على جهنم، ثم يرفع رأسه إلى الله عز وجل، فإن قال ألقه ألقاه في مهوى، فيهوي أربعين خريفا" في مسنده، الإمام أحمد في سننه بمعناه، وعن وابن ماجه " أبي هريرة رواه أن رجلا أتى النبي صلى الله عليه وسلم بجارية سوداء عجمية فقال: يا رسول الله علي عتق رقبة مؤمنة. فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم: أين الله؟ [ ص: 498 ] فأشارت إلى السماء بأصبعها بالسبابة، فقال لها: من أنا؟ فأشارت بأصبعها إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وإلى السماء أي: أنت رسول الله، فقال: أعتقها. في " مسنده "، أحمد والبرقي في " مسنده " أيضا، ورواه في " التوحيد " وقد اشترط فيه ألا يحتج فيه إلا بحديث صحيح، وإسناده عن ابن خزيمة أخبرنا يزيد بن هارون: المسعودي عن عون بن عبد الله عن [ ص: 499 ] أخيه عبيد الله بن عبد الله، عن مثله، وقال: " بجارية سوداء لا تفصح، فقال: إن علي رقبة مؤمنة. وقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم: من ربك؟ فأشارت بيدها إلى السماء، ثم قال: من أنا؟ فقالت بيدها ما بين السماء والأرض؛ تعني رسول الله والباقي مثله، ورواه أيضا من حديث أبي هريرة عن أبي داود الطيالسي، المسعودي بهذا الإسناد مثله، وقال أيضا: وقال: فقال " بجارية عجماء لا تفصح. وقال: أعتقها" المسعودي مرة: " وقد روي نحو هذا المعنى عن أعتقها فإنها مؤمنة" عبيد الله بن عبد الله الزهري مسندا عن [ ص: 500 ] ومرسلا، ورواه أبي هريرة الإمام أحمد أيضا من حديث وابن خزيمة عن معمر عن الزهري عبد الله بن عبد الله عن رجل من الأنصار: " ورواه أنه جاء بأمة سوداء فقال: يا رسول الله، إن علي رقبة مؤمنة فإن كنت ترى هذه مؤمنة فأعتقها، فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم: أتشهدين أن لا إله إلا الله؟ قالت: نعم. قال: أتشهدين أني رسول الله؟ قالت: نعم. قال: أتؤمنين بالبعث بعد الموت؟ قالت: نعم. قال: أعتقها". عن مالك عن ابن شهاب عبيد الله عن النبي صلى الله عليه وسلم مرسلا".
قال لست أنكر أن يكون خبر ابن خزيمة: ثابتا صحيحا لست بمنكر لمثل معمر عبيد الله بن عبد الله أن يروي خبرا عن عن رجل من أبي هريرة الأنصار لو كان متن الخبر متنا [ ص: 501 ] واحدا، فكيف وهما متنان، وهما في علمي حديثان لا حديث واحد: حديث عون بن عبد الله في الامتحان، إنما أجابت السوداء بالإشارة لا بالنطق. وفي خبر أجابت السوداء بنطق ( نعم ) بعد الاستفهام لما قال لها: أتشهدين أن لا إله إلا الله؟" في الخبر أنها- قالت ( نعم )، وكذلك عند الاستفهام قال لها: " أتشهدين أني رسول الله؟ قالت: ( نعم ) نطقا بالكلام؛ والإشارة باليد ليست النطق بالكلام، وفي خبر الزهري زيادة الامتحان بالبعث بعد الموت لما استفهمها: " أتؤمنين بالبعث بعد الموت؟" الزهري