الوجه الثاني في ذلك وهو الحادي عشر: أن لا يختص به أهل الملل والشرائع، بل يفعله المشركون وغيرهم ممن لا يعرف العرش، ولا يسمع به، [ ص: 545 ] ولا يعلم أن فوق السماء لله عرشا، فلو كان الرفع إنما هو إلى العرش فقط، الذي هو قبلة لم يقصد ذلك الرفع إلا من علم أن هناك عرشا، كما لا يقصد التوجه إلى القبلة إلا من علم أن توجه الخلائق بقلوبهم وأيديهم وأبصارهم إلى السماء حين الدعاء أمر فطري ضروري عقلي الكعبة التي يستقبلها المسلمون هناك، لأن القصد والإرادة لا يكون إلا بعد الشعور بالمقصود، فمن لم يشعر أن هناك عرشا امتنع أن يقصد الرفع إلى العرش. وهذا تحقيق ما تقدم من أن العلو لله علم بالفطرة والعقل، وأما استواؤه على العرش فإنما علم بالسمع.