الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
قوله ( ويخير الأمير في الأسرى بين القتل والاسترقاق والمن والفداء بمسلم أو مال ) يجوز الفداء بمال . على الصحيح من المذهب . جزم به في الخرقي ، والمغني ، والمحرر ، والفروع ، والقاضي في كتبه ، والرعايتين ، والحاويين ، وغيرهم . وهو ظاهر ما جزم به في الوجيز . وقدمه في الشرح ، والزركشي . وعنه لا يجوز بمال . ذكرها المصنف [ ولم أرها لغيره ] وهو وجه في الهداية وغيرها . وصححه في الخلاصة . وأطلق الوجهين في الهداية ، والمذهب ، ومسبوك الذهب ، والبلغة . [ ص: 131 ] وقال الخرقي فيمن لا يقبل منه الحرية لا يقبل منه إلا الإسلام أو السيف أو الفداء . وكذا قال في الإيضاح ، وابن عقيل في تذكرته ، والشريف أبو جعفر فظاهر كلام هؤلاء : أنه لا يجوز المن . وقال في الفروع عن الخرقي إنه قال : لا يقبل في غير من لا يقبل منه إلا الإسلام أو السيف . الظاهر : أنه لم يراجع الخرقي ، أو حصل سقط . فإن الفداء مذكور في الخرقي . وذكر في الانتصار رواية : يجبر المجوسي على الإسلام . قوله ( إلا غير الكتابي ، ففي استرقاقه روايتان ) وأطلقهما في الهداية ، والمذهب ، ومسبوك الذهب ، والمغني ، والشرح ، والبلغة والمحرر ، والرعايتين ، والحاويين ، والفروع .

إحداهما : يجوز استرقاقهم . نص عليه في رواية محمد بن الحكم . وجزم به في الوجيز . قال الزركشي : وهو الصواب . وإليه ميل المصنف . وقدمه في الخلاصة

والرواية الثانية : لا يجوز استرقاقهم . اختاره الخرقي ، والشريف أبو جعفر ، وابن عقيل في التذكرة ، والشيرازي في الإيضاح . قال في البلغة : هذا أصح . وجزم به ناظم المفردات ، وهو منها . وقال الشارح : ويحتمل أن يكون جواز استرقاقهم مبني على أخذ الجزية منهم . فإن قلنا بجواز أخذها جاز استرقاقهم ، وإلا فلا .

تنبيه :

مراده بأهل الكتاب : من تقبل منهم الجزية . فيدخل فيهم المجوس . ذكره الأصحاب . ومراده بغير أهل الكتاب : من لا تقبل منه الجزية . قال الزركشي : أبو الخطاب ، وأبو محمد ومن تبعهما ، يحكون الخلاف في غير أهل الكتاب والمجوس . وأبو البركات جعل مناط الخلاف فيمن لا يقر بالجزية . فعلى قوله : نصارى بني تغلب يجري فيهم الخلاف ، لعدم أخذ الجزية منهم . [ ص: 132 ] قال : ويقرب من نحو هذا قول القاضي في الروايتين . فإنه حكى الخلاف في مشركي العرب من أهل الكتاب .

تنبيه :

محل الخيرة للأمير إذا كان الأسير حرا مقاتلا ، على الصحيح من المذهب . قدمه في الفروع . واختار أبو بكر : أنه لا يسترق من عليه ولاء لمسلم ، بخلاف ولده الحربي . لبقاء نسبه . قال الشارح ، وعلى قول أبي بكر : لا يسترق ولده أيضا إذا كان عليه ولاء كذلك . وأطلقهما في المحرر . وقيل : لا يسترق من عليه ولاء لذمي أيضا . وجزم به وبالذي قبله في البلغة قال في الرعايتين ، والحاويين : وفي رق من عليه ولاء مسلم أو ذمي وجهان .

فائدة :

لا يبطل الاسترقاق حق مسلم . قاله ابن عقيل . وهو ظاهر ما قدمه في الفروع . قال في الانتصار : لا عمل لسبي إلا في مال . فلا يسقط حق قود له أو عليه . وفي سقوط الدين من ذمته لضعفها برقه كذمة مريض : احتمالان . وقال في البلغة : يتبع به بعد عتقه ، إلا أن يغنم بعد إرقاقه . فيقضي منه دينه . فيكون رقه كموته . وعليه يخرج حلوله برقه . وإن أسر وأخذ ماله معا فالكل للغانمين ، والدين باق في ذمته . انتهى . وقيل : إن زنى مسلم بحربية وأحبلها ثم سبيت لم تسترق لحملها منه .

التالي السابق


الخدمات العلمية