الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
قوله ( وإن كان غائبا بعيدا ، أو المشتري معسرا . فللبائع الفسخ ) . هذا المذهب . قطع به الجمهور . منهم : صاحب الفروع .

وقيل : له الفسخ مع إعساره فقط ، أو يصبر مع الحجر عليه . قاله في الرعاية . [ ص: 459 ] قال : ويحتمل أن يباع المبيع . وقيل : وغيره من ماله ، في وفاء ثمنه إذا تعذر لإعسار أو بعد .

تنبيه :

قد يقال ظاهر قوله " المشتري معسرا " أنه سواء كان معسرا به كله أو ببعضه . وهو أحد الوجهين .

قلت : وهو الصواب .

وقيل : لا بد أن يكون معسرا به كله . قدمه في الرعاية فائدة :

لو أحضر نصف الثمن ، فهل يأخذ المبيع كله أو نصفه ؟ أو لا يأخذ شيئا حتى يزن الباقي ، أو يفسخ البيع ويرد ما أخذه ؟ . قال في الرعاية : يحتمل وجهين وقيل : نقد بعض الثمن لا يمنع الفسخ . انتهى .

وقال في الفروع : وإن أحضر نصف ثمنه . فقيل : يأخذ المبيع . وقيل : نصفه . وقيل : لا يستحق مطالبته بثمن ومثمن مع خيار شرط . انتهى . قلت : أما أخذ المبيع كله : ففيه ضرر على البائع . وكذا أخذ نصفه ، للتشقيص . فالأظهر : أنه لا يأخذ شيئا من المبيع حتى يأتي بجميع الثمن .

قال في الفروع : ومثله المؤجر بالنقد في الحال .

تنبيه : مفهوم قوله " والمشتري معسرا " أنه لو كان موسرا مماطلا ليس له الفسخ [ وهو الصحيح في الحال . وهو المذهب ، وعليه الأصحاب إلا الشيخ تقي الدين . فإنه قال : له الفسخ ] .

قلت : وهو الصواب .

قوله ( وإن كان في البلد : حجر على المشتري في ماله كله حتى يسلمه ) .

هذا المذهب ، وعليه الأصحاب . وقيل : له الفسخ . [ ص: 460 ]

قوله ( وإن كان غائبا عن البلد قريبا : احتمل أن يثبت للبائع الفسخ ) .

وهو أحد الوجهين . وقدمه في الرعايتين ، والحاويين . وجزم به ابن رزين في نهايته . وهو ظاهر ما جزم به في الهادي .

( واحتمل أن يحجر على المشتري ) من غير فسخ . وهو الصحيح من المذهب . وقدمه في الفروع . وجزم به ابن عبدوس في تذكرته . وأطلقهما في المغني ، والكافي ، والمحرر ، والشرح ، والفائق ، وشرح ابن منجا ، والهداية ، والخلاصة . فائدتان

إحداهما : لو كان الثمن مؤجلا ، فالصحيح من المذهب : أن المبيع لا يحبس عن المشتري . نص عليه . وقدمه في الفروع .

وقيل : يحبسه إلى أجله . جزم به في الرعاية ، والوجيز .

قال في الفروع : اختاره الشيخ . يعني : به المصنف .

الثانية : مثل البائع في هذه الأحكام المؤجر بالنقد في الحال . قاله في الوجيز والفروع ، وغيرهما .

التالي السابق


الخدمات العلمية