الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
قوله ( وإن استخدم المبيع لم يبطل خياره في أصح الروايتين ) . وفي نسخة " الوجهين " وعليهما شرح ابن منجا . وهو المذهب . صححه في النظم ، وابن منجا في شرحه ، وتصحيح المحرر . وقدمه في الحاوي الكبير .

والرواية الثانية : يبطل خياره . قال في الخلاصة ، والحاوي الصغير : يبطل خياره على الأصح . وقدمه في الهداية ، والمستوعب ، والتلخيص ، والرعاية الصغرى . وجزم به في المنور ، والمنتخب .

قال في الوجيز : وإن استخدم المبيع للاستعلام : لم يبطل خياره . فدل كلامه أنه لو استخدمه لغير الاستعلام يبطل . وعبارة جماعة من الأصحاب كذلك . وأطلقهما في المذهب ، ومسبوك الذهب ، والمحرر ، والشرح ، والرعاية الكبرى ، والفروع . وذكر جماعة قولا : إن استخدمه للتجربة بطل . وإلا فلا . منهم صاحب الرعاية ، والفروع ، والفائق ، وغيرهم . وذكروه قولا ثالثا . وهو احتمال في المغني ، والشرح . فظاهر كلامهم : أن الخلاف يشمل الاستخدام للتجربة . وهو بعيد . قال في الحاويين : وما كان على وجه التجرية للمبيع كركوب الدابة لينظر [ ص: 388 ] سيرها ، أو الطحن عليها ، ليعلم قدر طحنها . أو استخدام الجارية في الغسل والطبخ والخبز لا يبطل الخيار رواية واحدة .

وقال في الرعاية : وله تجربته واختباره بركوب وطحن وحلب وغيرها . وتقدم كلامه في الوجيز .

قال في المنور ، ومنتخب الأزجي : وتصرفه بكل حال رضا إلا لتجربة . قال الشارح : فأما ما يستعلم به المبيع كركوب الدابة ليختبر فراهتها ، والطحن على الرحى ليعلم قدره ونحو ذلك فلا يدل على الرضى . ولا يبطل به الخيار . انتهى قلت : الصواب أن الاستخدام للاختبار يستوي فيه الآدمي وغيره . ولا تشمله الرواية المطلقة [ وقطع بما قلنا في الكافي وغيره ] ومنشأ هذا القول : أن حربا نقل عن أحمد : أن الجارية إذا غسلت رأسه ، أو غمزت رجله ، أو طبخت له ، أو خبزت : يبطل خياره . فقال المصنف ، والشارح : يمكن أن يقال : ما قصد به من استخدام أن تجربة المبيع لا يبطل الخيار . كركوب الدابة ليعلم سيرها . وما لا يقصد به ذلك يبطل الخيار . كركوب الدابة لحاجته . انتهى . قوله ( وكذلك إن قبلته الجارية ولم يمنعها : لم يبطل الخيار ) . هذا المذهب ، نص عليه . وعليه الأصحاب . وسواء كان بشهوة أو بغيرها . وقال أبو الخطاب ومن تبعه : ويحتمل أن يبطل إن لم يمنعها . وقدم هذه الطريقة في الفروع . وجزم بها في المغني ، والشرح ، والفائق ، وغيرهم . وقيل : محل الخلاف فيما إذا كان لشهوة . أما إذا كان لغير شهوة : لم يبطل قولا واحدا . وجزم به في الحاويين وغيرهما . وقال : نص عليه . وحمل ابن منجا كلام المصنف عليه . وقدمه في الرعاية الصغرى . قوله ( وإن أعتقه المشتري : نفذ عتقه . وبطل خيارهما ، كذلك إذا تلف المبيع ) . [ ص: 389 ] إذا أعتق المشتري العبد المبيع : نفذ عتقه . وهذا مبني على أن المبيع ينتقل إلى المشتري في مدة الخيار . وهو المذهب كما تقدم . فيصح عتقه . وهو من المفردات . ويبطل خيارهما ، على الصحيح من المذهب . اختاره الخرقي ، وأبو بكر . وقدمه في المحرر والشرح ، والفروع ، والفائق ، والرعاية . وعنه لا يبطل خيار البائع . وله الفسخ والرجوع بالقيمة يوم العتق . وقدمه في الكافي . وأطلقهما في الهادي ، والتلخيص ، والمستوعب ، والحاوي .

فائدة :

على القول بأن الملك لا ينتقل عن البائع لو أعتقه : ينفذ عتقه كالمشتري وأما إذا تلف المبيع في مدة الخيار ، فلا يخلو : إما أن يكون قبل قبضه أو بعده . فإن كان قبل قبضه وكان مكيلا ، أو موزونا ، أو معدودا ، أو مزروعا : انفسخ البيع على ما يأتي آخر الباب . وكان من ضمان البائع ، إلا أن يتلفه المشتري . فيكون من ضمانه ، ويبطل خياره . وفي خيار البائع الروايتان . وإن كان المبيع غير ذلك ولم يمنع البائع المشتري من قبضه . فالصحيح من المذهب : أنه من ضمان المشتري على ما يأتي . وإن كان تلفه بعد قبضه في مدة الخيار : فهو من ضمان المشتري . وهي مسألة المصنف . ويبطل خياره ، على الصحيح من المذهب . قال في الفروع : يبطل خيار المشتري في الأشهر . وجزم به المغني ، والشرح ، وغيرهما . وقيل : لا يبطل خياره . وهذه طريقة المصنف ، والشارح ، وصاحب الفروع ، وغيرهم . وأما خيار البائع : فيبطل ، على الصحيح من المذهب . اختاره الخرقي ، وأبو بكر ، وغيرهما . وقدمه في المحرر ، والفائق ، والنظم . وجزم به في المنور ، ومنتخب الأدمي . وعنه لا يبطل خيار البائع ، وله الفسخ والرجوع بالقيمة ، أو مثله إن كان [ ص: 390 ] مثليا . اختارها القاضي ، وابن عقيل . وحكاه في موضع من الفصول عن الأصحاب . وقدمها في الكافي ، والرعايتين ، والحاوي الصغير ، والخلاصة . وهذا المذهب على ما اصطلحناه في الخطبة . وأطلقهما في الهداية ، والمذهب ، والمستوعب ، والمغني ، والهادي ، والفروع ، والحاوي الكبير ، والزركشي .

تنبيه :

قوله ( والرجوع بالقيمة ) تكون القيمة وقت التلف . على الصحيح من . المذهب . قدمه في الفروع ، والرعاية . وقيل : وقت القبض . وأصل الوجهين : انتقال الملك . قاله في التلخيص ، والفروع .

التالي السابق


الخدمات العلمية