( وإن كان بجعل ) لنيابته عن موكله في اليد والتصرف ولأنه عقد إحسان والضمان منفر عنه ( فإن تعدى ضمن ) كسائر الأمناء ، ومن التعدي أن يضيع المال منه ولا يعرف كيف ضاع أو وضعه بمحل ثم نسيه ، وهل يضمن بتأخير ما وكل في بيعه وجهان أوجههما عدمه إن لم يكن مما يسرع فساده وأخره مع علمه بالحال [ ص: 49 ] من غير عذر ( ولا ينعزل ) بالتعدي بغير إتلاف الموكل فيه ( في الأصح ) لأن الوكالة إذن في التصرف والأمانة حكم يترتب عليها ولا يلزم من ارتفاعها ارتفاع أصلها كالرهن . ويد الوكيل يد أمانة
والثاني ينعزل كالمودع ورد بأن الوديعة محض ائتمان ، ومحل هذا الوجه إذا تعدى بالفعل ، فإن تعدى بالقول كما لو باع بغبن فاحش ولو بسلم لم ينعزل جزما لأنه لم يتعد فيما وكل فيه ونحوه في الكفاية عن البحر .
نعم لو كان وكيلا عن ولي أو وصي انعزل كما بحثه الأذرعي وغيره كالوصي يفسق إذ لا يجوز إبقاء مال محجور بيد غير عدل وهو محمول على عدم إبقاء المال في يده . أما بالنسبة إلى عدم بقائه وكيلا فلا لعدم كونه وليا فلا يمتنع عليه الإتيان بالتصرف الموكل فيه ، ولا ينافيه ما مر من أن الولي لا يوكل في مال المحجور عليه فاسقا لأن ذاك بالنسبة للابتداء ، ويغتفر هنا طرو فسقه إذ يغتفر في الدوام ما لا يغتفر في الابتداء ، ويزول ضمانه عما تعدى فيه ببيعه وتسليمه ولا يضمن ثمنه لانتفاء تعديه فيه ، فلو رد عليه بعيب مثلا بنفسه أو بالحاكم عاد الضمان مع أن العقد قد يرتفع من حينه على الراجح غير أنا لا نقطع النظر عن أصله بالكلية ، فلا يشكل بما لو وكل مالك المغصوب غاصبه في بيعه فباعه فإنه يبرأ ببيعه وإن لم يخرج من يده حتى لو تلف في يده قبل قبض مشتريه لم يضمنه لوضوح الفرق بينهما وهو قوة يد الوكيل الذي طرأ تعديه لكونه نائبا عن الموكل في اليد والتصرف مع كونها يد أمانة فكأنها لم تزل ، وضعف يد الغاصب لتعديه فليست بيد شرعية فانقطع حكمها بمجرد زوالها ، وتقدم أنه لو تعدى بسفره بما وكل فيه وباعه فيه ضمن ثمنه وإن تسلمه وعاد من سفره فيستثنى مما مر ، ولو امتنع الوكيل من التخلية بين الموكل والمال بعذر لم يضمن وإلا ضمن كالمودع . ولو قال له : بع هذا ببلد كذا واشتر لي بثمنه قنا جاز له إيداعه في الطريق أو المقصد عند حاكم أمين ثم أمين إذ العمل غير لازم له ولا تغرير منه بل المالك هو المخاطر بماله ومن ثم لو باعه لم يلزمه شراء القن ولو اشتراه [ ص: 50 ] لم يلزمه رده بل له إيداعه عند من ذكر ، وليس له رد الثمن حيث لا قرينة ظاهرة تدل على رده فيما يظهر لأن المالك لم يأذن فيه ، فإن علا فهو في ضمانه إلى وصوله لمالكه