الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                            ( وعلى المكتري في إجارة العين ) لأنه ليس عليه سوى تسليم الدابة مع نحو إكافها وحفظ الدابة على صاحبها ما لم يسلمها له ليسافر عليها وحده فيلزمه حفظها صيانة لها لأنه كالمودع ( وعلى المؤجر في إجارة الذمة الخروج مع الدابة ) بنفسه أو نائبه ( ليتعهدها و ) عليه أيضا ( إعانة الراكب في ركوبه ونزوله بحسب الحاجة ) والعرف في كيفية الإعانة فينيخ البعير [ ص: 302 ] لنحو امرأة وضعيف حالة الركوب وإن كان قويا عند العقد ، ويقرب نحو الحمار من مرتفع ليسهل ركوبه وينزله لما لا يتأتى فعله عليها كصلاة فرض لا نحو أصل وينتظر فراغه ولا يلزمه مبالغة تخفيف ولا قصر ولا جمع ، وليس له التطويل على قدر الحاجة : أي بالنسبة للوسط المعتدل من فعل نفسه فيما يظهر ، فلو طول ثبت للمكري الفسخ ، قاله الماوردي . وله النوم عليها وقت العادة دون غيره لثقل النائم ، ولا يلزمه النزول عنها للإراحة ، بل للعقبة إن كان ذكرا قويا لا وجاهة ظاهرة له بحيث يخل المشي بمروءته عادة ، وعليه إيصاله إلى أول البلد المكرى إليها من عمرانها إن لم يكن لها سور وإلا فإلى السور دون مسكنه . قال الماوردي : إلا إن كان البلد صغيرا تتقارب أقطاره فيوصله منزله ، ولو استأجره لحمل حطب إلى داره وأطلق لم يلزمه إطلاعه السقف وهل يلزمه إدخاله الدار والباب ضيق أو تفسد الإجارة قولان أصحهما أولهما ، ولو ذهب مستأجر الدابة بها والطريق آمن فحدث خوف فرجع بها ضمن أو مكث هناك ينتظر الأمن لم تحسب عليه مدته ، وله حينئذ حكم الوديع في حفظها وإن قارن الخوف العقد فرجع فيه لم يضمن إن عرفه المؤجر ، وإن ظن الأمن فوجهان أصحهما [ ص: 303 ] عدم تضمينه

                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                            حاشية الشبراملسي

                                                                                                                            ( قوله : وعلى المؤجر في إجارة الذمة ) ومنه ما يقع في مصرنا من قوله أوصلني للمحل الفلاني بكذا [ ص: 302 ] فإنه إن اشتمل ذلك على صيغة صحيحة لزم فيها المسمى وإلا فأجرة المثل ( قوله وإن كان قويا عند العقد ) وظاهره أنه لا خيار للمكري بطرو ذلك على المكتري ، ويفرق بين هذا وما تقدم في المرض من أنه لا يلزم المكتري حمله مريضا لأن مرض المكتري يؤدي إلى دوام ضرر بالدابة بدوام ركوبه عليها ، بخلاف ما هنا فإنه يسير يتسامح بمثله عادة حتى إنه يقصد الأجانب في طلب الإعادة به منهم ( قوله : ويقرب نحو الحمار ) أي فلو قصر فيما يفعله مع الراكب فأدى ذلك إلى تلفه أو تلف شيء منه فهل يضمن أو لا ؟ فيه نظر ، والأقرب الضمان ( قوله من فعل نفسه ) ظاهره وإن خالف الوسط المعتدل من غالب الناس ، وينبغي أن يقال : إن لم يعلم المكتري بحاله وقت الإجارة ثبت له الخيار ( قوله : إن كان ذكرا ) وخرج به المرأة فلا يلزمها ذلك وإن قدرت على المشي لما فيه من عدم الستر لها ( قوله : لا وجاهة ) أي فإن كان كذلك لم يلزمه النزول عن الدابة ( قوله : دون مسكنه ) وظاهر أن محل هذا عند الإطلاق ، أما لو نص له على الوصول إلى منزله فيجب عليه لأنه من جملة ما استؤجر له ، وينبغي أن مثل النص ما لو جرت العادة بإيصال المكتري إلى منزله ( قوله : ولو استأجره لحمل حطب ) وليس من ذلك السقاء فإنه ليس مستأجرا لنقل الماء بل الماء مقبوض منه بالشراء الفاسد ، فإن شرط عليه في العقد نقله إلى محل الماء المعتاد بطل العقد ، وإلا صح ولا يلزمه نقله ، فإن فعل تبرعا فذاك وإلا فعلى المشتري إحضار أوان للموضع الذي اشترى منه ليتسلم فيها الماء ( قوله : والطريق آمن ) أي في الواقع ( قوله فرجع بها ضمن ) قضيته أنه لا فرق في هذا التفصيل بين وجود وكيل للمالك أو حاكم أو أمين في الموضع الذي رجع منه وعدمه ، وهو مخالف لعموم ما يأتي عن تصريح الأكثرين ، إلا أن يقال : إن الفرض هنا أنه استأجرها للذهاب بها والعود عليها ( قوله : فرجع فيه ) أي الخوف ( قوله : وإن ظن ) [ ص: 303 ] أي المؤجر ( قوله : عدم تضمينه ) أي المستأجر



                                                                                                                            حاشية المغربي

                                                                                                                            ( قوله : إلى أول عمرانها ) هذا إذا كانت الإجارة للركوب فقط . ( قوله : ولو ذهب مستأجر الدابة بها والطريق آمن إلخ ) هذه عبارة العباب بالحرف وعبارة الأنوار ولو كان الطريق آمنا والإجارة للذهاب والإياب فذهب ثم حدث الخوف لم يرجع إلى أن ينجلي ولا يحسب زمن المكث ، فإن رجع وسلمت الدابة من ذلك الخوف ولكن أصابتها آفة أخرى ضمن ; لأن من صار متعديا لم يتوقف الضمان عليه على أن يكون التلف من تلك الجهة ، ولو كان الطريق مخوفا في الأول ، [ ص: 303 ] فإن علم المكري وأجاز جاز له الرجوع مع قيام الخوف ولا ضمان ، وإن جهل فوجهان انتهت




                                                                                                                            الخدمات العلمية