الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                            ( وشرط الموكل فيه أن يملكه الموكل ) حالة التوكيل وإلا فكيف يأذن فيه ، قال الأذرعي : وهذا فيمن يوكل في ماله وإلا فنحو الولي وكل من جاز له التوكيل في مال الغير لا يملكه ، ورد الغزي له بأن المراد التصرف الموكل فيه لا محل التصرف يرد بمنع ما ذكره لأنه مر أول الباب ، وإنما المراد المحل ومن ثم فرع عليه قوله ( فلو وكل ببيع ) أو إعتاق ( عبد سيملكه ) سواء أكان معينا أم موصوفا أم لا ، لكن هذا لا خلاف فيه ولم يكن تابعا لمملوك كما يأتي عن الشيخ أبي حامد وغيره ( وطلاق من سينكحها ) ما لم تكن تبعا لمنكوحة أخذا مما قبله ( بطل في الأصح ) لانتفاء ولايته عليه حينئذ ، وكذا لو وكل من يزوج موليته إذا انقضت عدتها أو طلقت على ما قالاه هذا واعتمده الإسنوي ، وكذا لو قالت له وهي في نكاح أو عدة : أذنت لك في تزويجي إذا حللت ، لكن أفتى الوالد رحمه الله تعالى بصحة إذن المرأة المذكورة لوليها كما نقلاه في كتاب النكاح عن فتاوى البغوي وأقراه ، وعدم صحة توكيل الولي المذكور كما صححاه في الروضة وأصلها هنا .

                                                                                                                            وأما قول البغوي في فتاويه عقب مسألة الإذن كما لو قال الولي للوكيل : زوج بنتي إذا فارقها زوجها أو انقضت عدتها ، وفي هذا التوكيل وجه ضعيف أنه لا يصح ، وقد سبق في الوكالة فمبني على رأيه إذ هو قائل بالصحة في هذه المسألة وقد علم أن الأصح خلافه فالأصح صحة الإذن دون التوكيل ، والفرق بينهما أن تزويج الولي بالولاية الشرعية وتزويج الوكيل بالولاية الجعلية ، وظاهر أن الأولى أقوى فيكتفى فيها بما لا يكتفى به في الثانية ، وأن باب الإذن أوسع من باب الوكالة ، وما جمع به بعضهم بين ما ذكر في البابين بحمل [ ص: 22 ] عدم الصحة على الوكالة والصحة على التصرف إذ قد تبطل الوكالة ويصح التصرف رد بأنه خطأ صريح مخالف للمنقول إذ الأبضاع يحتاط لها فوق غيرها ومقابل الأصح أنه يصح ، ويكتفى بحصول الملك عند التصرف فإنه المقصود من التوكيل ، ولو وكله في المطالبة بحقوقه دخل ما يتجدد بعد الوكالة كما أفتى به ابن الصلاح لكن خالفه الجوري فقال : لو وكله في كل حق هو له فلم يكن له دين ثم حدث لم يكن له قبضه لأنه غير موكل إلا فيما كان واجبا يومئذ ، وقد يقال لا مخالفة بينهما إذ عدم الدخول في مسألة الجوري إنما هو لوصف الحق فيها بكونها للموكل حال التوكيل ، ولا يضرنا وجود الإضافة في كل منهما لأنه يكفي فيها أدنى ملابسة كما في التصوير الأول بخلاف الثاني فقويت فيها باللام الدالة على الملك فلم يدخل المتجدد ، وعلم مما مر أنه لو جعل المعدوم تبعا لحاضر كبيع مملوك وما سيملكه ففيه احتمالان للرافعي ، والمنقول عن الشيخ أبي حامد وغيره الصحة كما لو وقف على ولده الموجود ومن سيحدث له من الأولاد .

                                                                                                                            ولو وكله ببيع عين يملكها وأن يشتري له بثمنها كذا فأشهر القولين صحة التوكيل بالشراء كما في المطلب ، ومثله إذن المقارض للعامل في بيع ما سيملكه ، وألحق به الأذرعي الشريك ، وبما تقرر علم أن شرط الموكل فيه أن يملك الموكل التصرف فيه حين التوكيل أو يذكره تبعا لذلك ، ولا حاجة لما زاده بعضهم هنا بقوله أو يملك أصله لأنه أشار به إلى ما حكاه ابن الصلاح عن الأصحاب وجزم به في العباب من أنه لو وكله في بيع الثمرة قبل إطلاعها صح ، ووجه بما مر من كونه مالكا لأصلها إذ هو مفرع على مرجوح كما نبه على ذلك الزركشي ( وأن يكون قابلا للنيابة ) لأن التوكيل استنابة ( فلا يصح ) التوكيل ( في عبادة ) وإن لم تتوقف على نية إذ القصد امتحان عين المكلف وليس منها نحو إزالة النجاسة لأن القصد منها الترك ( إلا الحج ) والعمرة عند العجز ويندرج فيها توابعهما كركعتي الطواف ( وتفرقة زكاة ) ونذر وكفارة وصدقة ( وذبح أضحية ) وعقيقة وهدي وشاة وليمة سواء أوكل الذابح المسلم المميز في النية أم وكل فيها مسلما مميزا غيره ليأتي بها عند ذبحه كما لو نوى الموكل عند ذبح وكيله ، ودعوى عدم جواز توكيل آخر فيها غير مسلمة ونحو وقف وعتق وغسل أعضاء لا في نحو غسل ميت لأنه فرض فيقع عن مباشره ، وقضيته صحة توكيل من لم يتوجه عليه فرضه كالعبد ، على أن الأذرعي رجح جواز التوكيل هنا مطلقا لصحة الاستئجار عليه ( ولا في شهادة ) لبنائها على التعبد واليقين الذي لا تمكن النيابة فيه ، [ ص: 23 ] ولا يرد على المصنف صحة الشهادة عن الشهادة إذ ليست بتوكيل كما صرح به القاضي أبو الطيب وابن الصباغ بل الحاجة جعلت الشاهد المتحمل عنه بمنزلة الحاكم المؤدى عنه عند حاكم آخر ( وإيلاء ) لأنه حلف وهو لا يدخله النيابة ( ولعان ) إذ هو يمين أو شهادة ، ولا مدخل للنيابة فيهما كما مر ومن ثم قال ( وسائر الأيمان ) أي باقيها لأن القصد بها تعظيمه تعالى فأشبهت العبادة ، ومثلها النذر وتعليق نحو الطلاق والعتق والتدبير وهل يصير بتوكيله مدبرا أو معلقا وجهان ، أصحهما لا .

                                                                                                                            وقضية تقييدهم بتعليق الطلاق والعتاق صحة التوكيل بتعليق غيرهما كالوصاية ، والظاهر كما أفاده الشيخ أنه جرى على الغالب فلا يعتبر مفهومه ، ومقتضى إطلاقهم عدم صحة ذلك في التعليق أنه لا فرق بين تعليق عار عن حث أو منع كهو بطلوع الشمس وبين غيره ، وهو الأوجه خلافا للسبكي ( ولا ) في ( ظهار ) كأن يقول : أنت على موكلي كظهر أمه أو جعلته مظاهرا منك ( في الأصح ) لأنه منكر ومعصية ، وكونه يترتب عليه أحكام أخر لا تمنع النظر لكونه معصية ، وعلم منه عدم صحة التوكيل في كل معصية . نعم ما الإثم فيه لمعنى خارج كالبيع بعد نداء الجمعة ، الثاني يصح التوكيل فيه وكذا الطلاق في الحيض ، قاله البلقيني في تدريبه .

                                                                                                                            فالحاصل أن ما كان مباحا في الأصل وحرم لعارض صح التوكيل فيه ويمتنع فيما كان محرما بأصل الشرع ، والثاني يلحقه بالطلاق ( ويصح في طرفي بيع وهبة وسلم ورهن ونكاح ) للنص في النكاح والشراء كما مر وقياسا عليهما في الباقي ( و ) في ( طلاق ) منجز لمعينة ، فلو وكله بتطليق إحدى نسائه لم يصح في الأصح كما في البحر ( وسائر العقود ) كصلح وإبراء وحوالة وضمان وشركة ووكالة وقراض ومساقاة وإجارة وأخذ بشفعة

                                                                                                                            وصيغة الضمان والوصية والحوالة : جعلت موكلي ضامنا لك أو موصيا لك بكذا أو أحلتك بمالك على موكلي من كذا بنظيره من ماله على فلان ، ويقاس بذلك غيره ( والفسوخ ) ولو فورية لا يحصل بالتوكيل تأخير مضر . أما [ ص: 24 ] التي بخلاف ذلك فلا للتقصير ومر ، ويأتي امتناعه في فسخ نكاح الزائدات على أربع ( و ) في ( قبض الديون ) ولو مؤجلة كما شمله إطلاقهم لإمكان قبضه عقب الوكالة بتعجيل المدين ، فإن جعلها تابعة لحال لم يحتمل سوى الصحة ، وشمل كلامه قبض الربوي ورأس مال السلم إذا قبضه الوكيل قبل مفارقة الموكل المجلس ولا يرد منع ذلك في غيبة الموكل لأنه بغيبته بطل العقد فلا دين ( وإقباضها ) لعموم الحاجة إلى ذلك ويصح في الإبراء منه ، نعم لو قال : وكلتك في إبراء نفسك لا بد من الفور تغليبا للتمليك ، لكن ذكر السبكي أن قياس الطلاق جواز التراخي ، وخرج بالديون الأعيان فلا يصح توكيله فيما قدر على رده منها بنفسه مضمونة كانت أو لا لانتفاء إذن مالكها فيه ، ومن ثم ضمن به ما لم تصل بحالها لمالكها ، وشمل ذلك ما لو كان الوكيل من عيال المالك وهو ثقة مأمون خلافا للجوري ، نعم له الاستعانة بمن يحملها معه فيما يظهر كما يأتي في الوديعة ( و ) في ( الدعوى ) بنحو مال أو عقوبة لغير الله ( والجواب ) وإن كره الخصم وينعزل وكيل المدعي بإقراره بقبض موكله أو إبرائه ، ولو قال وكيل الخصم : إن موكله أقر بالمدعى به انعزل ، وتعديله لبينة المدعي غير مقبول ، وتقبل شهادته على موكله مطلقا ، [ ص: 25 ] وله فيما لم يوكل فيه وفيما وكل فيه إن انعزل قبل خوضه في الخصومة ، ويلزمه إقامة بينة بوكالته عند عدم تصديق الخصم له وتسمع وإن لم تتقدم دعوى حضر الخصم أو غاب فإن صدق الخصم عليها جاز له الامتناع من التسليم حتى يثبتها ( وكذا في تملك المباحات كالإحياء والاصطياد والاحتطاب في الأظهر ) كالشراء لأن كلا سبب للملك فيملكها الموكل إذا قصده الوكيل ، بخلاف ما لو لم يقصده .

                                                                                                                            والثاني المنع قياسا على الاغتنام ولأن سبب الملك وهو وضع اليد قد وجد منه فلا ينصرف عنه بالنية أما التوكيل في الالتقاط فلا كما قالاه هنا ، وهو محمول على التوكيل على العموم فلا ينافي ما يأتي في اللقطة إذ هو مفروض في مخصوص بعد وجودها فافترقت أحكام اللقطة الخاصة والعامة ( لا في إقرار ) كوكلتك لتقر عني لفلان بكذا ( في الأصح ) لأنه إخبار عن حق فلم يقبل التوكيل كالشهادة نعم يكون به مقرا لإشعاره بثبوت الحق عليه فإنه لا يأمر غيره بأن يخبر عنه بشيء إلا وهو ثابت .

                                                                                                                            والثاني يصح لأنه قول يلزم به الحق فأشبه الشراء . نعم إن قال : أقر له عني بألف له علي كان إقرارا جزما ، ولو قال : أقر له بألف لم يكن مقرا قطعا ( ويصح ) التوكيل ( في استيفاء عقوبة آدمي ) ولو قبل ثبوتها فيما يظهر ( كقصاص وحد قذف ) بل يتعين في قطع طرف وحد قذف كما يأتي ، ويصح في استيفاء عقوبة له تعالى من الإمام أو السيد لا في إثباتها مطلقا .

                                                                                                                            نعم للقاذف أن يوكل في ثبوت زنا المقذوف ليسقط الحد عنه فتسمع دعواه عليه أنه زنى ( وقيل لا يجوز ) التوكيل في استيفائها ( إلا بحضرة الموكل ) لاحتمال عفوه ، ورد بأن احتماله كاحتمال رجوع الشهود إذا ثبتت ببينة فلا يمتنع الاستيفاء في غيبتهم اتفاقا ( وليكن المؤكل فيه معلوما من بعض الوجوه ) لئلا يعظم الغرر ( ولا [ ص: 26 ] يشترط علمه من كل وجه ) ولا ذكر أوصاف المسلم فيها لأنها جوزت للحاجة فسومح فيها ( فلو قال : وكلتك في كل قليل وكثير ) لي ( أو في كل أموري ) أو حقوقي ( أو فوضت إليك كل شيء ) لي أو كل ما شئت من مالي ( لم يصح ) لما فيه من عظيم الغرر لأنه يدخل فيه ما لا يسمح الموكل ببعضه كعتق أرقائه وطلاق زوجاته والتصدق بأمواله .

                                                                                                                            وظاهر كلامهم بطلان هذا وإن كان تابعا لمعين وهو كذلك كما أفتى به الوالد رحمه الله تعالى ، فلا ينفذ تصرف الوكيل في شيء من التابع لأن عظم الغرر فيه الذي هو السبب في البطلان لا يندفع بذلك ، وفارق ما مر عن أبي حامد بأن ذاك في جزئي خاص معين فساغ كونه تابعا لقلة الغرر فيه بخلاف هذا وبخلاف ما مر في وكلتك في كذا وكل مسلم ، إذ الوكيل المتبوع معين والتابع غير معين ، وهو مستثنى من أن يكون الوكيل معينا وليست هذه المسألة مثل ذلك لما تقرر من كثرة الغرر في التابع فيها ( وإن ) ( قال ) : وكلتك ( في بيع أموالي وعتق أرقائي ) ووفاء ديوني واستيفائها ونحو ذلك ( صح ) وإن لم يكن ما ذكر معلوما عندهما لقلة الغرر فيه ولو قال في بعض أموالي أو شيء منها لم يصح كبع هذا أو هذا بخلاف أحد عبيدي لتناوله كلا منهم بطريق العموم البدلي فلا إبهام فيه ، بخلاف ما قبله ، أو أبرئ فلانا عن شيء من ديني وصح وحمل على أدنى شيء إذ الإبراء عقد غبن فتوسع فيه بخلاف البيع ، أو عما شئت من ديني فليبق عليه شيئا منه أو عن جميعه صح إبراؤه عن بعضه ، بخلاف بيعه لبعض ما وكله ببيعه بأنقص من قيمة الجميع لتضمن التشقيص فيه الغرر إذ لا يرغب عادة في شراء البعض ، ولو باعه بأنقص من قيمة الجميع بقدر يقطع عادة بأنه يرغب في الباقي به لم يبعد صحته ( وإن ) ( وكله في شراء عبد ) مثلا للقنية ( وجب بيان نوعه ) كتركي وهندي أو نحوهما ، ولا يغني ذكر الجنس كعبد ولا الوصف كأبيض .

                                                                                                                            ويشترط أيضا بيان صنفه إن اختلف النوع اختلافا ظاهرا وصفة اختلف بها الغرض . نعم لا يشترط ذكر أوصاف السلم ولا ما يقرب منها ، أما إذا كان للتجارة فلا يجب فيه ذكر نوع ولا غيره ، بل يكفي اشتر ما شئت من العروض أو ما فيه حظ كالقراض كما اقتضاه كلام الروضة ، ونقله ابن الرفعة عن الماوردي وغيره وأقره وهو ظاهر ، ولو اشترى من يعتق على الموكل صح وعتق عليه ، [ ص: 27 ] بخلاف القراض لمنافاته موضوعه من طلب الربح ، ولو وكله في تزويج امرأة اشترط تعيينها ولا يكتفى بكونها مكافئة له لأن الغرض يختلف مع وجود وصف المكافأة كثيرا فاندفع ما ذكره السبكي هنا نعم إن أتى له بلفظ عام كزوجني من شئت صح للعموم وجعل الأمر راجعا إلى رأي الوكيل ، بخلاف الأول فإنه مطلق ، ودلالة العام على أفراده ظاهرة ، وأما المطلق فلا دلالة فيه على فرد فلا تناقض ( أو ) في شراء ( دار ) للقنية أيضا ( وجب بيان المحل ) أي الحارة ، ومن لازمها بيان البلد فلذا لم يصرح به ( والسكة ) بكسر أوله وهي الزقاق المشتملة عليه وعلى مثله الحارة لاختلاف الغرض بذلك ، وقد يغني تعيين السكة عن الحارة ( لا قدر الثمن ) في العبد والدار مثلا ( في الأصح ) لأن غرضه قد يتعلق بواحد من النوع من غير نظر لخسة ونفاسة . نعم يراعى حال الموكل وما يتعلق به .

                                                                                                                            والثاني لا بد من تقديره كمائة أو بيان غاية كمائة إلى ألف لتفاوت أثمان الجنس الواحد إذ المحلة تجمع دار الغني والفقير

                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                            حاشية الشبراملسي

                                                                                                                            ( قوله : وهذا ) أي شرط ملكه ( قوله : لا يملكه ) أي ما يريد أن يوكل فيه ( قوله : وإنما المراد المحل ) قد ينافيه قوله الآتي وبما تقرر علم أن شرط الموكل فيه أن يملك الموكل التصرف فيه حين التوكيل ( قوله : ومن ثم فرع ) قد يقال التفريع لا ينافي كون المراد ملكه التصرف لأنه ليس مالكا التصرف الذي وكل فيه ( قوله : لكن هذا ) أي قوله أم لا . وأما الأولان ففيهما الخلاف وهما ما لو كان معينا أو موصوفا ( قوله : كما يأتي ) أي في قوله وعلم مما مر أنه لو جعل المعدوم تبعا لحاضر إلخ ( قوله : بطل في الأصح ) لا يقال : كان الأولى التعبير بلم يصح لأنه ليس المقصود الحكم بالبطلان فيما مضى لأنا نقول : الأفعال الواقعة في عبارات المصنفين إنما يقصدون منها مجرد الحدث دون الزمان ، فلا فرق في المراد من التعبير بين الماضي والحال والاستقبال

                                                                                                                            ( قوله : على ما قالاه ) ضعيف ( قوله : والفرق بينهما ) أي الإذن من المرأة والتوكيل من الولي ( قوله : وما جمع به بعضهم ) أي [ ص: 22 ] حج حيث قال : ولو علق ذلك ولو ضمنا على الانقضاء أو الطلاق فسدت الوكالة ونفذ التزويج ا هـ ( قوله : دخل ما يتجدد ) معتمد ( قوله : لم يكن له قبضه ) معتمد ( قوله : كما في التصوير الأول ) هو قوله ولو وكله في المطالبة بحقوقه ( قوله : بخلاف الثاني ) هو قوله دخل ما يتجدد به بعد الوكالة ( قوله ومن سيحدث له من الأولاد ) أي فإنه صحيح

                                                                                                                            ( قوله : إذ هو مفرع ) أي الصحة في بيع الثمرة قبل إطلاعها ( قوله : وإن لم تتوقف إلخ ) أي كالأذان ( قوله : نحو إزالة النجاسة ) أي فيصح التوكيل فيها ( قوله : توابعهما ) أي المتقدمة والمتأخرة ( قوله : فيها ) أي في النية ( قوله : عن مباشره ) أي ولو عبدا ( قوله : وقضيته صحة توكيل إلخ ) معتد ( قوله : جواز التوكيل هنا ) قال م ر : المعتمد ما قاله في البحر من عدم صحة التوكيل في الغسل ، ومثله غيره من خصال التجهيز لأنه يقع عن الوكيل ، ويفارق [ ص: 23 ] صحة الاستئجار لذلك بأن بذل العوض يقتضي وقوع العمل للمستأجر انتهى سم على منهج . وهو يدل على أن الثواب للمستأجر ولو بلفظ الوكالة

                                                                                                                            ( قوله : فلا يعتبر مفهومه ) أي فالتوكيل بسائر التعاليق باطل ( قوله : الثاني ) أي وهو الأذان الذي بين يدي الخطيب ( قوله : صح التوكيل فيه ) أي ولا يلزم من الصحة جواز التوكيل فيحرم التوكيل في البيع وقت نداء الجمعة لمن تلزمه وإن صح ( قوله : وفي طلاق منجز ) .

                                                                                                                            [ فرع ] وكله في طلاق زوجته ثم طلقها هو كان للوكيل التعليق إذا كان طلاق الموكل رجعيا ، بخلاف حكم الزوج في الشقاق إذا سبق الزوج إلى الطلاق ليس له هو الطلاق بعد ذلك لأن الطلاق هناك لحاجة قطع الشقاق ، وقد حصل بطلاق الزوج بخلافه هنا م ر ا هـ سم على منهج . وظاهره عدم الحرمة وإن علم بطلاق الزوج أولا ، ولو قيل بالحرمة في هذه لم يكن بعيدا ولا سيما إذا ترتب عليه أذى للزوج ، وقول سم رجعيا : أي وإن بانت البينونة الكبرى بما يحصل من الوكيل ( قوله : وسائر العقود ) هذا تقدم في قوله كصلح وإبراء ، ولعله ذكره هنا توطئة لما بعده ( قوله : جعلت موكلي ضامنا ) ينبغي أن ما ذكره مجرد تصوير فيصح الضمان بقول الوكيل ضمنت مالك على زيد عن موكلي ، أو بطريق الوكالة عنه والوصية بنحو أوصيت لك بكذا عن موكلي ، أو نيابة عنه والحوالة بنحو جعلت موكلي محيلا لك بما عليه من الدين على زيد

                                                                                                                            ( قوله : لا يحصل بالتوكيل ) أي حالة كونه [ ص: 24 ] لم يحصل ، وعبارة حج : إذا لم يحصل إلخ ( قوله : ويأتي امتناعه ) أي التوكيل ( قوله : في فسخ ) أي حيث لم يعين له المختارة للفراق على ما أفهمه قوله فيما مر ولا في الاختيار للفراق إذا عين للمرأة من يختارها أو يفارقها ، فإن لم يعين لم يصح من الرجل أيضا ( قوله : ويصح في الإبراء ) هذا تقدم في قوله كصلح وإبراء ، ولعله ذكره هنا توطئة لما بعده ( قوله : لا بد من الفور ) معتمد ( قوله : أن قياس الطلاق ) أي فيما لو قال : وكلتك في أن تطلقي نفسك فلا يشترط الفور على ما أفهمه كلامه ( قوله : ومن ثم ضمن ) أي الموكل وكذا الوكيل في المضمون له مطلقا وفي الأمانة إن علم أنها ليست ملك الدافع ( قوله : به ) أي بسبب التوكيل وذلك إذا سلم العين للوكيل ( قوله : خلافا للجوري ) قال في اللب : الجوري بضم أوله والراء نسبة إلى جور بلد الورد بفارس ومحلة بنيسابور ، وبالزاي إلى جوزة قرية بالموصل ، ثم قال : وبالضم والفتح والراء إلى جور قرية بأصبهان ( قوله : بمن يحملها ) أي إذا كان ملاحظا له لأن يده لم تزل عنها

                                                                                                                            ( قوله : وفي الدعوى ) عبارة المنهج وشرحه : وخصومة من دعوى وجواب رضي الخصم أم لا ا هـ . وفي حاشية شرح الروض لوالد الشارح ما نصه : قال القاضي : ولو قال : وكلتك لتكون مخاصما عني لا يكون وكيلا في سماع الدعوى والبينة إلا أن يقول : جعلتك مخاصما ومحاكما ا هـ ( قوله : بإقراره ) أي الوكيل ( قوله : أو إبرائه ) ومع ذلك لا يقبل إقراره على موكله ( قوله : أقر بالمدعى به ) أي أنه ملك لمن هو تحت يده ( قوله : انعزل ) أي وكيل الخصم ( قوله : وتعديله ) أي تعديل وكيل الخصم الذي هو المدعى عليه ، لكن يتأمل وجه عدم قبوله لأن شهادته لا تجر لنفسه نفعا ولا تدفع ضررا .

                                                                                                                            نعم هذا واضح فيما لو عدل وكيل المدعي في الخصومة بينته فلا يقبل لأنه متهم بإثبات ما وكل فيه : ثم رأيت في سم على حج ما نصه : قوله ولا يقبل تعديله إلخ لأنه كالإقرار في كونه قاطعا للخصومة وليس للوكيل قطع الخصومة بالاختيار ، فلو عدل انعزل كما نبه عليه الأذرعي . قال في شرح الروض : ويفهم من عدم قبول التعديل عدم الصحة فليحرر ( قوله : وتقبل شهادته ) أي الوكيل

                                                                                                                            ( قوله : مطلقا ) [ ص: 25 ] أي وكل فيه أم لا ( قوله : وله ) أي وتقبل له إلخ ( قوله : إذا قصده ) أي الموكل واستمر قصده ، فلو عن له قصد نفسه بعد قصد موكله كان له ذلك ويملك ما أحياه إلخ من حينئذ ( قوله : بخلاف ما لو لم يقصده ) بأن قصد نفسه أو أطلق أو قصد واحدا لا بعينه لأن قصد واحد لا بعينه غير صحيح فكأنه لم يوجد فيحمل على حالة الإطلاق ، فإن قصد نفسه وموكله كان مشتركا فيما يظهر ، وقد يشكل هذا على ما مر للشارح فيما لو استأجر الجمل من واحد والراوية من آخر إلخ ، وقد قدمنا الجواب عنه فليراجع ( قوله : لأنه إخبار عن حق ) قال في شرح الروض : وقيل ليس بإقرار كما أن التوكيل بالإبراء ليس إبراء ، وبه يتضح قول الشارح الآتي كان إقرارا جزما

                                                                                                                            ( قوله : ولو قال أقر له بألف ) وكذا لو قال : أقر له علي بألف فإنه لغو ا هـ شيخنا زيادي وحج ( قوله : ويصح في استيفاء عقوبة له ) ظاهره ولو قبل ثبوتها وهو متجه ا هـ سم على حج ( قوله : لا في إثباتها مطلقا ) قد يشكل عليه ما في خبر { اغد يا أنيس إلى امرأة هذا فإن اعترفت فارجمها } فإن قوله فإن اعترفت فارجمها توكيل من الإمام في إثبات الرجم وفي استيفائه ، إلا أن يجاب بأن المراد فإن دامت على الاعتراف بناء على أنها كانت اعترفت له صلى الله عليه وسلم أو بلغه اعترافها بطريق معتبر ا هـ سم على حج ( قوله : ليسقط الحد عنه ) أي القاذف ( قوله : فتسمع دعواه ) أي الوكيل

                                                                                                                            ( قوله : عليه ) أي المقذوف ( قوله : في استيفائها ) أي العقوبة ( قوله : إلا بحضرة الموكل ) متعلق بقول الشارح استيفائها ا هـ سم على حج ( قوله : إذا ثبتت ) أي العقوبة [ ص: 26 ] قوله : أو حقوقي ) لا يخالف هذا ما مر عن ابن الصلاح من أنه لو وكله في المطالبة بحقوقه دخل ما يتجدد إلخ فإنه صريح في صحة الوكالة في ذلك لما أشار إليه الشارح بقوله لما فيه من عظيم الغرر .

                                                                                                                            وأما ما مر فلتعلقه بخصوص المطالبة يقل الغرر فيه ( قوله : وفارق ما مر عن أبي حامد ) أي في قوله وعلم مما مر أنه لو جعل المعدوم تبعا إلخ ( قوله : وبخلاف ما مر ) أي فإنه يصح ( قوله : ونحو ذلك ) من النحو اقتراض أو شراء ما يحتاج إليه الوكيل في ماله تعلق بما وكل فيه ، ومن ذلك ما يقع كثيرا أن شخصا يوكل آخر في التصرف في قرية من قرى الريف بالزرع والزراعة ونحوهما ( قوله بخلاف أحد عبيدي ) قد يشكل هذا بعدم الصحة فيما لو قال : وكلت أحدكما أو وكلتك في تطليق إحدى نسائي كما تقدم عن البحر ( قوله : بخلاف ما قبله ) أي أو قال إلخ ( قوله : وحمل على أدنى شيء ) أي بشرط أن يكون متمولا أخذا من العلة ، إذ العقود لا ترد على غير متمول

                                                                                                                            ( قوله : عما شئت من ديني ) بقي ما لو حذف من ديني . وفي حواشي الروض : ولو حذف منه ، وقال أبرئه عما شئت أبقى شيئا احتياطا للموكل إذ المعنى على أنه منه

                                                                                                                            ( قوله : صح إبراؤه ) أي كما يصح عن موكله ( قوله : بخلاف بيعه لبعض ) أي فإنه غير صحيح ( قوله : صح وعتق ) أي ما لم يبن معيبا كما يأتي له في الفصل الآتي بعد قول المصنف فلكل من الوكيل والموكل الرد ، وقياس ما ذكره الشارح أنه لو اشترى له زوجته أو لها زوجها صح [ ص: 27 ] وانفسخ النكاح ( قوله : بخلاف القراض ) فإنه لا يصح ولا يعتق عليه لأن صحته تستدعي دخوله في ملكه وهو مقتض للعتق كما يأتي في شرح المنهج في القراض ( قوله : ولو وكله في تزويج امرأة إلخ ) ولو قالت لوليها : زوجني من رجل فقياس ذلك الصحة مطلقا ولا يزوجها إلا من كفء وإن قالت له : زوجني ممن شئت زوجها ولو من غير كفء ( قوله : فلا دلالة فيه على فرد ) أي بعينه ( قوله : وجب بيان المحلة ) بفتح الحاء وكسرها كما يؤخذ من المختار ( قوله : ومن لازمها بيان البلد ) أي غالبا ا هـ حج



                                                                                                                            حاشية المغربي

                                                                                                                            ( قوله : على ما قالاه ) تبع في هذا التبري كلام حج [ ص: 22 ] لكن سيأتي له نقل هذا عن إفتاء والده بما يشعر برضاه به فكان ينبغي له عدم التبري منه هنا ، وفي نسخة كما قالاه هنا ، وهي لا تناسب الاستدراك الآتي ; لأنه يلزم عليه استدراك الشيء على نفسه ( قوله : وعلم مما مر أنه لو جعل المعدوم تبعا إلخ ) حق العبارة : وعلم مما مر الصحة فيما لو جعل المعدوم تبعا لحاضر إلخ وفيه احتمالان [ ص: 23 ] للرافعي ( قوله : والتدبير ) معطوف على النذر وليس من مدخول تعليق ( قوله : وإبراء ) لا حاجة إليه هنا ; لأنه سيأتي بما فيه ( قوله : جعلت موكلي ضامنا لك ) وصيغة التوكيل في الضمان كما نقله الأذرعي عن العجلي أن يقول الموكل اجعلني ضامنا لدينه أو اجعلني كفيلا ببدن فلان ا هـ .

                                                                                                                            ولا يخفى أن ما ذكره الشارح من التصوير : أي تبعا [ ص: 24 ] لابن الرفعة متعين ، وما صور به الشيخ في حاشيته يلزم عليه انتفاء حقيقة الوكالة كما يعلم بتأمله ( قوله : ويصح في الإبراء إلخ ) عبارة التحفة : ويصح في الإبراء منه لكن في أبرئي نفسك لا بد من الفور تغليبا للتمليك .

                                                                                                                            قيل وكذا في وكلتك لتبرئي نفسك على ما اقتضاه إطلاقهم ، لكن قياس الطلاق جواز التراخي ، ذكره السبكي انتهت ( قوله : ومن ثم ضمن به ) أي في صورة الأمانة [ ص: 25 ] قوله : كان إقرارا جزما ) أشعر بأن ما صور به المتن فيه خلاف وهو كذلك ( قوله : من الإمام أو السيد ) عبارة التحفة : لكن من الإمام أو السيد وهي التي يتضح عليها معنى قوله مطلقا ( قوله : فلا يمتنع الاستيفاء إلخ ) عبارة التحفة مع الاستيفاء في غيبتهم إلخ




                                                                                                                            الخدمات العلمية