الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                            ( ويلزم العامل ) ( الاستيفاء ) لدين مال القراض وإن لم يكن ربح إن طلبه المالك . وصورة المسألة أن المالك أذن له في البيع بالدين ، وشمل كلامه وجوب تقاضي جميع الدين ربحا ورأس مال ، وبه صرح ابن أبي عصرون وابن الرفعة وتبعه السبكي ، وفرق بينه وبين التنضيض بأن القراض مستلزم لشراء العروض والمالية فيه محققة فاكتفي فيها بتنضيض قدر رأس المال فقط ( إذا فسخ أحدهما ) [ ص: 240 ] أو هما أو انفسخ لأن الدين ناقص وقد أخذ منه ملكا تاما فليرد كما أخذ ، ولو رضي المالك بقبول الحوالة جاز ( وتنضيض رأس المال ) ( إن كان ) ما بيده عند الفسخ ( عوضا ) أو نقدا غير صفة رأس المال أي بيعه بالناض وهو نقد البلد الموافق لرأس المال حيث طلبه المالك وإن أبطله السلطان وإلا باع بالأغبط منه ومن جنس رأس المال فإن باع بغير جنسه حصل به جنسه ، ولو قال رب المال لا أثق به جعل مع يده يد في أوجه الوجهين لأن الائتمان انقطع بالفسخ ، وظاهر كلامهم أنه لا ينعزل حتى ينض المال ويعلم به المالك ، أما إذا لم يطلب المالك ذلك فلا يجب إلا أن يكون المال المحجور عليه وحظه في التنضيض فيجب ، ولو قال له المالك لا تبع ونقسم العروض بتقويم عدلين أو قال أعطيك نصيبك من الربح ناضا أجيب . وكذا لو رضي بأخذ العروض من العامل بالقيمة لم يزد راغب كما جزم به ابن المقري . فلو حدث بعد ذلك غلاء لم يؤثر ، وخرج بقدر رأس المال الزائد عليه فلا [ ص: 241 ] يلزمه تنضيضه ، بل هو عرض اشترك فيه اثنان لا يكلف أحدهما بيعه . نعم لو كان بيع بعضه ينقص قيمته كالعبد لزمه تنضيض الكل كما بحثه في المطلب لما في التشقيص من التنقيص ، وفي كلام ابن أبي هريرة وصاحب الإفصاح ما يؤيده ( وقيل لا يلزمه التنضيض إن لم يكن ربح ) لأنه لا يحسن تكليفه العمل إلا لفائدة له ويرد بأنه وطن نفسه على ذلك مطلقا .

                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                            حاشية الشبراملسي

                                                                                                                            ( قوله : تقاضى ) أي استيفاء ( قوله : وفرق بينه وبين التنضيض ) أي [ ص: 240 ] حيث لم يجب فيه تنضيضه ما زاد على رأس المال ( قوله : لأن الدين ناقص ) أي لأنه قد يجيء وقد لا ( قوله وقد أخذ ) أي العامل وقوله منه أي المالك ( قوله : ولو رضي المالك بقبول الحوالة جاز ) فيه مسامحة لأن الدين للقراض ملك المالك ، فالمراد من الحوالة الرضا ببقاء الدين في ذمة من هو عليه ( قوله : وإلا باع ) أي وإن لم يطلبه المالك ، ولم يذكر حج قوله حيث طلبه المالك بل اقتصر على قوله الموافق لرأس المال وإن أبطله السلطان وإلا إلخ ، فأفاد أن التقدير في قوله وإلا : أي وإلا يكن نقد البلد موافقا لجنس رأس المال فيحمل قول الشارح وإلا على ما ذكره حج ، ويدل له قوله بعد أما إذا لم يطلب المالك إلخ ( قوله : جعل من يده يد ) وينبغي أن أجرة ذلك على المالك لأنه لغرض نفسه ، ويوافقه ما سيأتي في عامل المساقاة من أنه لو ظهرت عليه ريبة ولم تثبت خيانته فضم إليه المالك مشرفا كانت أجرته على المالك ( قوله : وظاهر كلامهم إلخ ) هذا قد يخالف قوله السابق لكل فسخه متى شاء ولو في غيبة الآخر اللهم إلا أن يحمل ذاك على ما لو كان المال منضضا وعلم به المالك ثم غاب وعزل العامل نفسه في غيبته وما هنا على خلافه

                                                                                                                            ( قوله : أما إذا لم يطلب المالك إلخ ) وعليه فلو كان المالك اثنين وطلب أحدهما التنضيض والآخر عدمه فهل يجاب الأول أو الثاني ؟ فيه نظر ، وينبغي أن يقسم المال عروضا فما يخص من طلب العروض يسلم له وما يخص من طلب التنضيض يباع ويسلم له جنس رأس المال ( قوله : بتقويم عدلين ) قضيته أنه لا يكتفي بتقويم رجل وامرأتين ، ويوافقه ما مر في الغصب عن العباب وهذا ظاهر في الأعيان ، وأما إذا كانت ديونا فما طريق قسمة ذلك ، ويحتمل أن يقال : إن تراضى العامل والمالك على تعين بعض الديون للعامل وبعضها للمالك فذاك ، وإلا رفعا الأمر للحاكم فيستوفيها ويقسم الحاصل عليهما وعلى التراضي يكون ذلك [ ص: 241 ] كالحوالة ، فإن تعذر على أحدهما استيفاء ما عين له من الديون لم يرجع على صاحبه ، كما لو تعذر على المحتال الأخذ من المحال عليه لا يرجع على المحيل ، ويقسم كل واحد من الديون بالمحاصة على حسب ما يخص كلا منهما أصلا وربحا ( قوله : لا يكلف أحدهما بيعه ) أي بل يقتسمانه إن شاءا أو يبيعانه معا ( قوله : لزمه تنضيض الكل ) معتمد .



                                                                                                                            حاشية المغربي

                                                                                                                            [ ص: 239 - 240 ] قوله : ولو رضي المالك بقبول الحوالة ) أي : الحوالة الصورية . ( قوله : ما بيده عند الفسخ ) أي : ما بيده حسا أو حكما ليشمل ما في الذمم . ( قوله : حيث طلبه ) يعني : أصل التنصيص فهو قيد للمتن ، وكان الأولى تقديمه عقب المتن أو تأخيره ليذكره قبيل قوله ولو قال رب المال لا أثق إلخ . ( قوله : وإلا ) أي : بأن كان نقد البلد غير موافق لرأس المال . ( قوله : فإن باع بغير جنسه ) أي : ولم يكن نقد البلد الذي باع به أغبط أخذا مما قبله ( قوله : وظاهر كلامهم أنه لا ينعزل حتى ينض المال ) أي : ولا ملازمة بين الانفساخ والانعزال فليتأمل . ( قوله : ويعلم به المالك ) انظر ما فائدته هنا ( قوله : وكذلك لو رضي بأخذ العروض من العامل بالقيمة ) هو عين ما قبله كما يعلم من شرح الروض وغيره ; فإن الذي في الروض هو هذا المذكور في قوله وكذلك لو رضي إلخ وصوره شارحه بالصورتين المتقدمتين فهما صورتان لهذا الحكم الكلي لا قسيمان له ومن ثم اقتصر عليهما في التحفة .

                                                                                                                            وعبارة الروض وشرحه : ولو رضي المالك بأخذ العروض منه بالقيمة بأن قال له لا تبع وتقسم العروض بتقويم عدلين أو أعطيك قدر نصيبك ناضا [ ص: 241 ] ولم يزد راغب فيها أجيب انتهت




                                                                                                                            الخدمات العلمية