الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                            ( ولا ) يقبل أيضا ( بعيادة ) لمريض ( ورد سلام ) لبعد فهمهما في معرض الإقرار إذ لا مطالبة بهما ، ويقبل بهما في له علي حق لشيوع الحق في استعماله في ذلك ككل ما لا يطالب به شرعا وعرفا ، فقد عد في الخبر من حق المسلم على المسلم والشيء الأعم من الحق هو الشيء المطلق لا الشيء المقر به ، قاله السبكي رادا به استشكال الرافعي الفرق بين الحق والشيء مع كون الشيء أعم ، فكيف يقبل في تفسير الأخص ما لا يقبل في تفسير الأعم ، وما اعترض به الفرق من أن الشافعي لا يستعمل ظواهر الألفاظ وحقائقها في الإقرار بل قال : أصل ما أبني عليه الإقرار أن لا ألزم إلا اليقين وأطرح الشك ولا استعمل الغلبة ، وهذا صريح في أنه لا يقدم الحقيقة على المجاز ولا الظاهر على المؤول في هذا الباب ا هـ .

                                                                                                                            رد بمنع كونه صريحا في ذلك بل ولا ظاهرا فيه ، كيف وعموم هذا النفي الناشئ عن فهم أن المراد باليقين هنا ما انتفت عنه الاحتمالات العشرة المقررة في الأصول يقتضي أن لا يوجد إقرار يعمل به إلا نادرا ولا يتوهم هذا أحد ، ومن عرف فروع الباب ظهر له أن مراده باليقين الظن القوي ، وبقوله ولا أستعمل الغلبة : أي حيث عارضها ما هو أقوى منها ، وحينئذ اتجه فرق السبكي ، ولو قال : غصبتك أو غصبتك ما تعلم لم يصح إذ قد يريد نفسه فإن قال أردت غير نفسك قبل لأنه غلظ على نفسه ، وإن قال : غصبتك شيئا ثم قال أردت نفسك لم تقبل إرادته ويؤاخذ بإقراره ، وقضيته أن الحكم كذلك لو قال : غصبتك شيئا تعلمه وهو ظاهر ويفرق بينه وبين ما مر في غصبتك ما تعلم بأن شيئا اسم تام ظاهر في المغايرة بخلاف ما ( ولو ) ( أقر بمال ) مطلق ( أو مال عظيم أو كبير ) بموحدة ( أو كثير ) بمثلثة أو جليل أو خطير أو وافر أو نفيس أو أكثر من مال فلان أو مما بيده أو مما شهد به الشهود عليه أو حكم به الحاكم على فلان أو نحو ذلك ( قبل تفسيره بما قل منه ) أي المال ولو لم يتمول كحبة بر وقمع باذنجانة : أي صالح للأكل وإلا فهو غير مال ولا من جنسه لأن الأصل براءة الذمة فيما فوقه ، ووصفه بنحو العظيم يحتمل أنه بالنسبة لتيقن حله أو الشحيح أو لكفر مستحله وعقاب غاصبه وثواب باذله لنحو [ ص: 89 ] مضطر ، ولو قال له علي مثل ما في يد زيد أو مثل ما علي لزيد كان مبهما جنسا ونوعا ولا قدرا فلا يقبل بأقل من ذلك عددا لأن المثلية لا تحتمل ما مر لتبادر الاستواء عددا منها ( وكذا ) يقبل تفسيره ( بالمستولدة في الأصح ) لأنها تؤجر وينتفع بها وتجب قيمتها إذا أتلفها أجنبي ولأنها تسمى مالا وبه فارقت الموقوف لأنه لا يسماه .

                                                                                                                            والثاني لا لخروجها عن اسم المال المطلق إذ لا يصح بيعها وسواء على الأول أقال : له علي مال أم له عندي مال ( لا بكلب وجلد ميتة ) وسائر النجاسات لانتفاء اسم المال عنها ( وقوله له ) عند أو علي ( كذا كقوله ) له ( شيء ) بجامع الإبهام فيهما فيقبل تفسيره فيه بما يقبل ثم مما مر ، وكذا مركبة في الأصل من اسم الإشارة وكاف التشبيه ، ثم نقل عن ذلك وصار يكنى به عن المبهم وغيره من العدد ، ويجوز استعمالها في النوعين مفردة ومركبة ومعطوفة ( وقوله شيء شيء أو كذا كذا ) وإن زاد على مرتين من غير عطف ( كما لو لم يكرر ) حيث لم يرد الاستئناف لظهوره في التأكيد ( وقوله شيء وشيء أو كذا وكذا ) والأوجه أن مثل الواو هنا ما يأتي ( وجب شيئان ) متفقان أو مختلفان بحيث يقبل كل منهما في تفسير شيء لاقتضاء العطف المغايرة وما صححه السبكي في كذا درهما بل كذا إنه إقرار بشيء واحد ، ويلزمه مثل ذلك في كذا درهما وكذا بعيد من كلامهم لأن تفسير أحد المبهمين غير مقتض لاتحادهما ولو مع بل الانتقالية أو الإضرابية ، وإنما المقتضي للاتحاد نفس بل لما يأتي فيها فقوله درهما يوهم أنه سبب الاتحاد وليس كذلك .

                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                            حاشية الشبراملسي

                                                                                                                            [ ص: 88 ] قوله : لبعد فهمهما في معرض ) كمجلس كما في المصباح ا هـ .

                                                                                                                            ونقل الشنواني في حواشي شرح الشافية لشيخ الإسلام أنها بكسر الميم وفتح الراء ( قوله : الاحتمالات العشرة ) منها عدم احتمال المجاز والإضمار والنقل والاشتراك والتخصيص والتقييد والنسخ وعدم المعارض العقلي ( قوله : اتجه فرق السبكي ) أي السابق في قوله والشيء الأعم من الحق هو الشيء المطلق لا الشيء المقر به ( قوله : ولو قال غصبتك ) أي نفسك ( قوله : فإن قال ) أي فيهما ( قوله : من مال فلان ) المشهور بالمال الكثير ا هـ حج ( قوله : أي صالح ) هلا قال مثلا أو لغيره من وجوه الانتفاع لأنه حينئذ من جنس المال ا هـ سم على حج .

                                                                                                                            وقد يقال : لما لم يكن المقصود منه إلا ذلك ولم يصلح له عد غير منتفع به بالمرة [ ص: 89 ] قوله : أو مثل ) أي أوله على مثل ما علي لزيد ( قوله : فلا يقبل بأقل من ذلك عددا ) أي ويقبل بغير جنسه ونوعه ( قوله : في النوعين ) أي المبهم وغيره ( قوله : ومركبة ) أي مكررة مرة فأكثر ( قوله : وإن زاد ) أي وإن كان المجلس مختلفا ( قوله : والأوجه أن مثل الواو هنا ما يأتي ) لكن محله في الفاء حيث أراد العطف وإلا فلا تعدد لمجيئها كثيرا للتفريع وتزيين اللفظ ومقترنة بجزاء حذف إلى آخر ما يأتي في الفصل الآتي بعد قول المصنف فإن قال : ودرهم لزمه درهمان ( قوله : ويلزمه ) أي السبكي ( قوله : وإنما المقتضي إلخ ) هذا على خلاف ما صححه في بل بعد من لزوم التعدد ( قوله : لما يأتي ) أي في الفصل الآتي بعد قول المصنف فإن قال : ودرهم لزمه درهمان .



                                                                                                                            حاشية المغربي

                                                                                                                            ( قوله : لا الشيء المقر به ) أي ; لأنه صار خاصا بقرينة علي كما هو كذلك في كلام السبكي ، وكان على الشارح أن يذكره ( قوله : وما اعترض به الفرق ) أي فرق السبكي بين الشيء المطلق والشيء المقيد بالإقرار كما يعلم من قول الشارح الآتي وحينئذ اتجه فرق السبكي ( قوله : كيف وعموم هذا النفي ) أي المذكور في قول المعترض أن الشافعي لا يستعمل ظواهر الألفاظ [ ص: 89 ] قوله : لا تحتمل ما مر ) أي الأقل ( قوله : لتبادر الاستواء عددا منها ) في كون التبادر في معنى يمنع احتمال غيره بالكلية نظر لا يخفى ( قوله : الانتقالية أو الإضرابية ) يوهم أنهما قسيمان وليس كذلك ، بل الانتقالية قسم من قسمي الإضرابية لأن بل للإضراب مطلقا وتنقسم إلى انتقالية وإبطالية .

                                                                                                                            ( قوله : وإنما المقتضي للاتحاد نفس بل ) تبع في هذا الشهاب حج ، لكن ذاك جار على طريقته أن العطف ببل لا يوجب إلا شيئا واحدا .

                                                                                                                            وأما الشارح فإنه سيأتي له قريبا اختيار أحد الوجهين القائل بلزوم شيئين وهذا لا يناسبه ، وقد فرق الشارح كما نقله عنه سم في حواشي شرح المنهج بين ما اختاره من لزوم شيئين وبين ما سيأتي له في الفصل الآتي فيما لو قال درهم بل درهم من أنه لا يلزمه إلا درهم بأنه في مسألة الدرهم أعاد نفس الأول ، بخلاف كذا فإن المعاد صالح لإرادة غير ما أريد به الأول . ( قوله : فقوله : درهما يوهم أنه سبب الاتحاد ) قال الشهاب سم : قد يقال إنما ذكر درهما ليدفع توهم التعدد لتفسير الأول قبل ذكر الثاني فيفهم منه الاتحاد إذا لم يذكر درهما [ ص: 90 ] بالأولى ا هـ .




                                                                                                                            الخدمات العلمية