الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                            ( ولو ) ( قال : اشتر بهذا الدينار شاة ووصفها ) بصفة بأن بين نوعها وغيره مما مر في شراء العبد وإلا لم يصح التوكيل ، فإن أريد بالوصف زيادة على ما مر ثم كان شرطا لوجوب رعاية الوكيل له في الشراء لا لصحة التوكيل حتى يبطل بعقده ( فاشترى به [ ص: 46 ] شاتين بالصفة ) ومثل ذلك ما لو اشترى شاة كذلك وثوبا ( فإن لم تساو واحدة ) منهما ( دينارا لم يصح الشراء للموكل ) وإن زادت قيمتهما جميعا على الدينار لانتفاء تحصيل غرضه ، ثم إن وقع بعين الدينار بطل من أصله أو في الذمة ونوى الموكل ، وكذا إن سماه خلافا لما وقع للأذرعي هنا وقع للوكيل ( وإن ساوته كل واحدة فالأظهر الصحة ) أي صحة الشراء ( وحصول الملك فيهما للموكل ) لخبر عروة المار في بيع الفضولي ولأنه حصل غرضه وزاد خيرا وإن لم توجد الصفة التي ذكرها في الزائد فيما يظهر وإن ساوته إحداهما فقط فكذلك ، ولا ترد عليه لأن الخلاف الذي فيها طرق لا أقوال ، والأوجه اعتبار وقوع شرائهما في عقد واحد تقدمت في اللفظ أو تأخرت ، وأما حالة تعدد العقد فتقع المساوية للموكل فقط .

                                                                                                                            والثاني يقول : إن اشترى في الذمة فللموكل واحدة بنصف دينار والأخرى للوكيل ويرد على الموكل نصف دينار وإن اشترى بعين الدينار فقد اشترى شاة بإذن وأخرى بغير إذن فيبطل في واحدة ويصح في أخرى عملا بتفريق الصفقة

                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                            حاشية الشبراملسي

                                                                                                                            ( قوله : مما مر في شراء العبد ) أي من ذكر نوعه وصنفه إن اختلف النوع اختلافا ظاهرا وصفته إن اختلف بها الغرض [ ص: 46 ] قوله : وقع للوكيل ) أي ولغت التسمية ( قوله : لخبر عروة ) قد يشكل بما مر له ثم من الجواب عن تمسك القديم به من قوله . وأجيب عنه بأنه محمول على أن عروة كان وكيلا مطلقا لرسول الله صلى الله عليه وسلم بدليل أنه باع الشاة وسلمها ا هـ . ووجه الإشكال أنه حيث كان وكيلا مطلقا كان مأذونا له في شراء الثانية وغيرها فلا يتم الاستدلال به على ما الكلام فيه لأنه مفروض في التوكيل في شراء شاة فقط

                                                                                                                            ( قوله : في بيع الفضولي ) لعله إنما أحال على بيع الفضولي مع أنه تقدم في أول الوكالة لكونه ذكره ثم بطوله ، ثم راجعته فوجدت عبارته واستدل له : أي القديم بظاهر خبر عروة ا هـ . ولعله إنما أحال عليه لتقدمه لا لما ذكر

                                                                                                                            ( قوله : فكذلك ) أي فالأظهر الصحة ( قوله : تقدمت ) أي غير المساوية ( قوله : فتقع المساوية ) تقدمت أو تأخرت . وأما الثانية فإن اشتراها بعين مال الوكيل لم يصح ، أو في الذمة وقع للوكيل وإن سمى الموكل هذا إن ساوته إحداهما دون الأخرى ، فإن ساوته كل منهما وقعت الأولى للموكل دون الثانية . ثم رأيت ما يقتضي ذلك في سم على حج نقلا ، عن الكنز للبكري ، وأنه نقله عن الزركشي وعبارته : ولو اشترى الشاتين صفقتين والأولى تساوي دينارا فإن للموكل الأولى فقط . قاله الزركشي ا هـ .

                                                                                                                            وقضية قوله والأولى تساوي دينارا أنه لا فرق في ذلك بين مساواة الثانية دينارا وعدمه وقع السؤال عن شخص اشترى بعين مال الموكل ثم ادعى وقت الحساب أنه اشتراه لنفسه وأنه تعدى بدفع مال الموكل فهل البيع صحيح وعليه فهل هو للوكيل أو للموكل أو الشراء باطل ؟ والجواب عنه أنه إن كان اشترى الوكيل بعين مال الموكل بأن قال : اشتريت هذا بهذا وسمى نفسه فالعقد باطل ، أما ما جرت به العادة بين المتعاقدين من أنه يقول : اشتريت هذا بكذا ولم يذكر عينا ولا ذمة فليس شراء بالعين بل في الذمة فيقع العقد فيه للوكيل ، ثم إن وقع مال الموكل عما في ذمته لزمه بدله وهو مثله إن كان مثليا وأقصى قيمة من وقت الدفع إلى وقت تلفه إن كان متقوما ، وللموكل مطالبة البائع للوكيل بما قبضه منه إن كان باقيا وببدله المذكور إن كان تالفا ، وقرار الضمان عليه والحال ما ذكر




                                                                                                                            الخدمات العلمية