الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                            ( ومتى ) ( خالف ) الوكيل ( الموكل في بيع ماله ) أي الموكل بأن باعه على غير الوجه المأذون فيه ( أو ) في ( الشراء بعينه ) كأن أمره بشراء ثوب بهذا فاشتراه بغيره : أي بعينه من مال موكله أو بشراء في الذمة فاشترى بالعين ( فتصرفه باطل ) لانتفاء إذن الموكل فيه وكذا لو أضاف لذمة الموكل مخالفا له ( ولو اشترى في الذمة ) مع المخالفة كأن أمره بشراء عبد في الذمة بخمسة فزاد أو بالشراء بعين هذا فاشترى في الذمة ( ولم يسم الموكل وقع ) الشراء ( للوكيل ) دون الموكل وإن نواه لأنه المخاطب والنية غير مؤثرة مع مخالفة الإذن ( وإن سماه فقال البائع : بعتك فقال : اشتريت لفلان ) أي موكله ( فكذا ) يقع للوكيل ( في الأصح ) وتلغو تسمية الموكل في القبول لأنها غير معتبرة في الصحة .

                                                                                                                            فإذا وقعت مخالفة للإذن من غير عذر لغت ، والثاني يبطل العقد لتصريحه بإضافته للموكل وقد امتنع إيقاعه له فألغي ، وقضية كلام المصنف عدم وجوب تسمية الموكل في العقد وهو كذلك .

                                                                                                                            نعم قد تجب تسميته وإلا فيقع العقد للوكيل كأن وكله في قبول نحو هبة وعارية وغيرهما مما لا عوض [ ص: 48 ] فيه ، ولا تجزي النية في وقوع العقد للموكل . إذ الواهب ونحوه قد يسمح بالتبرع له دون غيره . نعم لو نواه الواهب أيضا وقع عنه كما بحثه الأذرعي وغيره ، وهو مأخوذ من تعليل الشيخين وغيرهما بما مر من أن الواهب قد يقصد بتبرعه المخاطب ، وكأن تضمن عقد البيع العتاقة كأن وكل قنا في شراء نفسه من سيده أو عكسه لأن صرف العقد عن موضوعه بالذمة متعذر ، ولأن المالك قد لا يرضى بعقد يتضمن الإعتاق قبل قبض الثمن ( ولو قال : بعت ) هذا ( موكلك زيدا فقال : اشتريت له فالمذهب بطلانه ) ولو وافق الإذن وحذف له لانتفاء خطاب العاقد ، وإنما كان ذكره متعينا في النكاح لأن الوكيل فيه سفير محض إذ لا يمكن وقوعه له بحال ، فإن قال بعتك لموكلك وقال قبلت له صح جزما كما قاله في المطلب ، ولم يصرح في الروضة ولا أصلها بمقابل المذهب ، ويؤخذ من التعليل أن ذلك في موافق الإذن

                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                            حاشية الشبراملسي

                                                                                                                            ( قوله مخالفا له ) أي بأن قال له اشتر بالعين أو في ذمتك فأضاف لذمة الموكل ، وقضيته أنه لو قال : اشتر في الذمة وأطلق لم يمتنع الشراء في ذمة الموكل لكن في حاشية الزيادي ما يقتضي خلافه حيث قال قوله في ذمته أولى من تعبير أصله بالذمة لتنصيصه على أن المراد ذمة الوكيل لأنه لو اشترى في ذمة الوكيل لم يصح العقد ا هـ .

                                                                                                                            وقد يقال : لا مخالفة بينهما لأن ما ذكره الزيادي مفروض فيما لو خالف في الشراء في الذمة بأن قال : اشتر بخمسة فاشترى بعشرة في ذمة الموكل فلا سبيل إلى وقوعه للوكيل لتنصيصه على ذمة الموكل ولا للموكل بالعشرة للمخالفة فتعين البطلان ( قوله وتلغو تسمية الموكل ) ظاهره وإن صدقه البائع في أنه اشترى لموكله ، وفي حج أنه حيث صدقه وحلف الموكل على نفي الوكالة بطل العقد وأقره سم ( قوله : قد تجب تسميته ) وقضية قوله تجب تسميته أنه لو قال : وقفت عليك أو أوصيت لك فقال : قبلت لموكلي وقع العقد للموكل ونظر فيه سم على حج حيث قال بعد ما ذكر وهو بعيد ، إذ كيف ينصرف إلى الموكل مع قوله وقفت عليك أو أوصيت لك والقياس ما قدمناه في قولنا شمل ذلك ما لو نوى إلخ صحة الوقف والوصية على الوكيل .

                                                                                                                            [ فرع ] قال في الروض وشرحه : وإن أعطى وكيله شيئا ليتصدق به فنوى التصدق عن نفسه وقع للآمر ولغت النية ا هـ .

                                                                                                                            فعلم أنه مع المخالفة قد يقع عن الموكل ا هـ سم على منهج ( قوله : وإلا فيقع العقد إلخ ) شمل ذلك ما لو نوى الواهب الوكيل والوكيل الموكل فتلغو نية الموكل ويقع العقد للوكيل وعليه فيفرق بين نية الوكيل والموكل وتسميته إياه بأن التسمية أقوى من النية ( قوله : كأن وكله في قبول نحو هبة ) أي ولم يصرح الواهب بكونها للوكيل [ ص: 48 ] بأن قال : وهبتك وأطلق أو وهبتك لموكلك ، أما لو قال : وهبتك لنفسك أو وهبتك ونوى كون الهبة للوكيل دون غيره فقال الوكيل قبلت لموكلي فينبغي بطلان الهبة لأن الوكيل لم يقبل ما أوجبه الموكل ، ثم رأيت سم على منهج نقلا عن الشارح اعتماد ما جنحنا إليه ( قوله : ولا تجزي النية ) أي من الوكيل ( قوله : نعم لو نواه ) أي الموكل

                                                                                                                            ( قوله : أيضا ) أي مع نية الوكيل ( قوله : وقع عنه ) أي الموكل ( قوله : في شراء نفسه ) أي لنفسه ( قوله : أو عكسه ) أي بأن وكل القن غير ما يشتريه من سيده ا هـ سم على منهج ( قوله : لأن صرف العقد ) تعليل لقوله وكل قن إلخ ا هـ سم على حج ( قوله : ولأن المالك ) تعليل لقوله أو عكسه ا هـ سم على حج ( قوله : بمقابل المذهب ) عبارة المحلي بعد ما ذكر في الكفاية حكاية وجهين في المسألة



                                                                                                                            حاشية المغربي

                                                                                                                            [ ص: 46 - 47 ] قوله : وكذا لو أضاف لذمة الموكل ) أي بخلاف ما إذا أضافه للموكل ولم يذكر لفظ الذمة كما سيأتي في المتن ( قوله : لأنها غير معتبرة في الصحة إلخ ) قد يؤخذ من ذلك صحة ما يقع كثيرا من إجارة الناظر على الوقف حصة منه [ ص: 48 ] ويضيفها لبعض المستحقين وتكون الإجارة لضرورة العمارة بأن يقول أجرت حصة فلان وهي كذا لضرورة العمارة فتصح الإجارة وتلغو التسمية المذكورة وتقع الإجارة شائعة على الجميع لهذه العلة فتأمل ( قوله : قد يسمح بالتبرع له ) أي للوكيل بقرينة ما يأتي ( قوله : أو عكسه ) أي بأن وكل القن غيره ليشتري له نفسه ، وقوله : لأن صرف إلى آخره تعليل لقوله كأن وكل قنا إلخ ، وقوله : لأن المالك إلخ تعليل لقوله أو عكسه كما نبه عليه الشهاب سم ( قوله : ويؤخذ من التعليل أن ذلك في مواقف الإذن ) لا يناسب قوله السابق ولو وافق الإذن وهو تابع في السابق للشهاب حج ، وهو إنما ذكره كذلك ; لأنه لا يراعي الخلاف ، وتبع في اللاحق الشارح الجلال فلم يلتئم الكلام




                                                                                                                            الخدمات العلمية