( ومن ) كحفر الأساس ( أو علم على بقعة بنصب أحجار أو غرز خشبا ) أو جمع ترابا أو خط خطوطا ( فمتحجر ) عليه : أي مانع لغيره منه بما فعله بشرط كونه بقدر كفايته وقادرا على عمارته حالا ( و ) حينئذ ( هو أحق به ) من غيره اختصاصا لا ملكا ، والمراد ثبوت أصل الحقية له إذ لا حق لغيره فيه ولخبر ( شرع في عمل إحياء ولم يتمه ) أبي داود { } فإن زاد على كفايته فلغيره إحياء الزائد كما قاله من سبق إلى ما لم يسبق إليه مسلم فهو أحق به المتولي ، وما سواه باق تحجره فيه ولو شائعا ، وأما ما لا يقدر عليه حالا بل مآلا فلا حق له فيه ، ولما كان إطلاق الأحقية يقتضي الملك المستلزم لصحة البيع وعدم ملك الغير له استدركه بقوله ( لكن الأصح أنه لا يصح بيعه ) ولا هبته كما قاله الماوردي خلافا للدارمي لما مر من أنه غير مالك وحق التملك لا يباع كحق الشفعة . والثاني يصح بيعه وكأنه باع حق الاختصاص ( و ) الأصح ( أنه لو أحياه آخر ملكه ) وإن أثم بذلك كما لو اشترى على سوم أخيه ومحله حيث لم يعرض وإلا ملكه [ ص: 341 ] المحيي قطعا ، ويحرم عليه نقل آلات المتحجر مطلقا ، والثاني لا يملكه لئلا يبطل حق غيره ( ولو طالت مدة التحجر ) عرفا بلا عذر ولم يحي ( قال له السلطان ) أو نائبه ( أحي أو اترك ) ما تحجرته لتضييقه على الناس في حق مشترك فمنع منه ( فإن استمهل ) وأبدى عذرا ( أمهل مدة قريبة ) بحسب رأي الإمام رفقا به ودفعا لضرر غيره ، فإن مضت ولم يفعل شيئا بطل حقه .
أما إذا لم يذكر عذرا أو علم منه الإعراض فينزعها منه حالا ولا يمهله كما بحثه السبكي وهو ظاهر .
وقضية كلام المصنف أنه لا يبطل حقه بمضي المدة بلا مهلة ، وهو ما بحثه الشيخ أبو حامد والقاضي والمتولي ، وهو الأصح خلافا لما جزم به الإمام من بطلانه بذلك لأن التحجر ذريعة إلى العمارة وهي لا تؤخر إلا بقدر تهيئة أسبابها ، ولهذا لا يصح تحجر فقير لا يقدر على تهيئتها ( ولو أقطعه الإمام مواتا ) يقدر عليه ( صار أحق بإحيائه ) بمجرد الإقطاع : أي مستحقا له دون غيره وصار ( كالمتحجر ) في أحكامه المارة { بني النضير } كما رواه الشيخان ، وبحث لأنه صلى الله عليه وسلم أقطع الزبير رضي الله عنه أرضا من أموال الزركشي أن ما أقطعه صلى الله عليه وسلم لا يملكه الغير بإحيائه كما لا ينقض حماه ولا ينافي ما تقرر أن المقطع لا يملك قول الماوردي إنه يملك لأنه محمول كما في شرح المهذب على ما إذا أقطعه الأرض تمليكا لرقبتها كما مر ، وأفهم قوله مواتا أنه ليس له إقطاع غيره ولو مندرسا وقد مر ما فيه ، وحاصله أنه إن توقع ظهور ملكه حفظ له وإلا صار ملكا لبيت المال فللإمام إقطاعه ملكا أو ارتفاقا بحسب ما يراه مصلحة .