وذكر احتجاج بعض أصحابه بما روي عن أبي ذر في تفسير قوله في سورة النجم، واحتجاج بعضهم بقول وابن عباس في قوله: ابن عباس وما جعلنا الرؤيا التي أريناك إلا فتنة للناس [الإسراء: 60] أنها رؤيا عين أريها رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم قال: «وليس الخبر بالبين، أيضا إن أراد بقوله: (رؤيا عين) ابن عباس لست أستحل أن أحتج [ ص: 294 ] بالتمويه، ولا أستجيز أن أموه على مقتبسي العلم، فأما خبر رؤية النبي صلى الله عليه وسلم ربه بعينه، قتادة والحكم بن أبان، عن عكرمة، عن وخبر ابن عباس، عبد الله بن أبي سلمة، عن فبين واضح أن ابن عباس رضي الله عنهما كان يثبت ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم رأى ربه».
وهذا من كلامه يقتضي أنه اعتمد هذه الطرق، وأنها تفيد رؤية العين لله التي ينزل عليها قوله تعالى: وما جعلنا الرؤيا التي أريناك إلا فتنة للناس [الإسراء: 60] ويدل على ذلك حديث عن حماد بن سلمة، عن قتادة، عكرمة، عن مرفوعا إلى النبي صلى الله عليه وسلم قال: ابن عباس وحديث «رأيت ربي» الحكم عن عكرمة في حكم المرفوع أيضا؛ لأنه ذكر خبر الرؤية على وجه لا يعلم بالرأي، ولا بتأويل القرآن، وكذلك حديث ابن أبي سلمة عن أخبر فيه بأمور تعلم من تفسير القرآن. وعلى هذا فيكون خبر ابن عباس عكرمة عن ونحوه رؤية عين، كما يذهب إلى ذلك طوائف من أهل الحديث. ابن عباس
ومع هذا فقد روي بهذا الإسناد بعينه عن عكرمة ما يبين أن [ ص: 295 ] رؤية الآخرة على وجه آخر. وقال في هذه الرواية: «ذاك نوره الذي هو نوره إذا تجلى بنوره لم يدركه شيء».
وروى عبد الرحمن: حدثنا إبراهيم بن حاتم، حدثنا أبو زرعة، حدثنا سلمة بن شبيب أبو عبد الرحمن، حدثنا إبراهيم بن الحكم بن أبان، حدثنا أبي، عن عكرمة في قوله عز وجل: وجوه يومئذ ناضرة إلى ربها ناظرة [القيامة: 22 - 23] قال: مسرورة فرحة إلى ربها ناظرة قال عكرمة: انظر ماذا أعطى الله عبده من النور [ ص: 296 ] في عينيه أن لو جعل الله جميع من خلق الله من الإنس والجن والدواب والطير وكل شيء من خلق الله فجعل نور أعينهم في عين عبد من عباده ثم كشف عن الشمس سترا واحدا ودونها سبعون سترا ما قدر أن ينظر إلى الشمس، والشمس جزء من سبعين جزءا من نور الكرسي، والكرسي جزء من سبعين جزءا من نور العرش، والعرش جزءا من سبعين جزءا من نور الستر، فانظر ماذا أعطى الله تعالى عبده من النور في عينيه أن النظر إلى وجه ربه الكريم عيانا».
لكن قال الحافظ الوجه الرابع: ما رواه أبو عبد الله بن منده: الإمام أبو بكر بن أبي عاصم في كتاب السنة: «حدثنا حدثنا فضل بن [ ص: 297 ] سهل، عمرو بن طلحة القناد، حدثنا أسباط، عن سماك، عن عكرمة، عن أنه قال في قوله تعالى: ابن عباس ولقد رآه نزلة أخرى قال: إن النبي صلى الله عليه وسلم رأى ربه عز وجل، فقال له رجل: أليس قد قال: لا تدركه الأبصار وهو يدرك الأبصار فقال له عكرمة: أليس ترى السماء؟ قال: بلى، قال: أفكلها ترى؟» وهذا مروي من وجوه أخرى؛ فلهذا ترجم أبو بكر بن أبي عاصم: (باب ما ذكر من رؤية النبي صلى الله عليه وسلم ربه).
[ ص: 298 ] فروى حديث عن شعبة، عن قتادة، عكرمة، عن أنس محمدا صلى الله عليه وسلم قد رأى ربه تبارك وتعالى». «أن
وروى حديث عن حماد بن سلمة، عن قتادة، عكرمة، عن هذا، وروى حديث ابن عباس عاصم عن الشعبي وعكرمة عن قال: ابن عباس محمد ربه». «رأى
وروى حديث عكرمة، عن «أن الله اصطفى ابن عباس: إبراهيم بالخلة، واصطفى [ ص: 299 ] موسى بالكلام، واصطفى محمدا بالرؤية».
وروى حديث الحكم بن أبان، عن عكرمة، عن الذي فيه: «ذلك إذا تجلى بنوره» واختصره، وقال: فيه كلام، يعني كلاما لم يذكره. ابن عباس
وروى من حديث عن عن جابر بن زيد، عن عطاء بن أبي رباح، عكرمة، عن في قوله: ابن عباس ثم دنا فتدلى [ ص: 300 ] قال: هو محمد دنا فتدلى إلى ربه عز وجل. وروى حديث محمد بن عمرو، عن أبي سلمة. وروى حديث عن هشام الدستوائي، عن قتادة، عبد الله بن شقيق، قال: لو رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم سألته عن شيء، قال: عن أي شيء كنت تسأله؟ قال: كنت أسأله: هل رأيت ربك؟ فقال: سألته، فقال: نور أنى أراه». لأبي ذر: «قلت
وحديث هشام، عن عن قتادة، عكرمة، عن «أتعجبون أن تكون الخلة ابن عباس: لإبراهيم، والكلام لموسى، والرؤية [ ص: 301 ] لمحمد صلى الله عليه وسلم» ثم إنه ذكر ثم ذكر رؤية النبي صلى الله عليه وسلم ربه في المنام، فعلم أن أحاديث رؤية الله في الآخرة، عنده في اليقظة، لكن لم يقل: بعينيه، فاحتجاج المحتج بهذه الآية وجوابه بقوله: ألست ترى السماء؟ قال: بلى، قال: فكلها ترى؟ دليل على أنه أثبت رؤية العين. ابن عباس
وقد يقال: بل أثبت رؤية القلب، ورؤية النبي بقلبه كرؤية العين، كما تقدم ذكر هذا من كلام وغيره، فلم يكن كلام الإمام أحمد مختلفا، وتكون هي رؤية يقظة بقلبه، والذي يدل على الجزم بهذا الوجه أن هذه من رواية ابن عباس سماك، عن عكرمة، عن وقد روى ابن عباس، ابن خزيمة وغيرهما من حديث والطبراني عن إسرائيل، سماك، عن عكرمة، عن في قوله تعالى: ابن عباس ما كذب الفؤاد ما رأى [النجم: 11] [ ص: 302 ] قال: «رآه بقلبه».
قال حدثنا عمي، حدثنا ابن خزيمة: حدثنا عبد الرزاق، وقال إسرائيل، حدثنا الطبراني: يوسف القاضي، حدثنا محمد بن كثير، حدثنا فذكره، يبين ذلك ما رواه إسرائيل، في جامعه في تفسير سورة «والنجم» فروى حديث الترمذي عن ابن عيينة، عن مجالد، قال: لقي الشعبي ابن عباس كعبا، فعرفه، فسأله عن شيء، فكبر حتى جاوبته الجبال، فقال إنا ابن عباس: بني هاشم [ ص: 303 ] نزعم أن محمدا رأى ربه، فقال كعب: إن الله قسم رؤيته وكلامه بين محمد وموسى، فكلم موسى مرتين ورآه محمد مرتين.
قال مسروق: فقلت: هل رأى عائشة محمد ربه؟ فقالت: لقد قف شعري مما قلت، قلت: رويدا: ثم قرأت: لقد رأى من آيات ربه الكبرى قالت: أين يذهب بك؟! إنما هو جبريل. من أخبرك أن محمدا رأى ربه تعالى، أو كتم شيئا مما أمر به، أو يعلم الخمس التي قال الله تعالى: إن الله عنده علم الساعة وينزل الغيث ويعلم ما في الأرحام الآية [لقمان: 34] فقد أعظم على الله الفرية، ولكنه رأى جبريل، لم يره على صورته إلا مرتين، مرة عند سدرة المنتهى، ومرة في جياد، له ستمائة جناح قد سد الأفق». «فدخلت على
[ ص: 304 ] قال أبو عيسى: وقد روى داود بن أبي هند، عن عن الشعبي، عن مسروق، عن النبي صلى الله عليه وسلم نحو هذا الحديث، وحديث عائشة، داود أنص من حديث مجالد.
وروى مثل ذلك عن الترمذي الشيباني قال: وسألت عن قوله: زر بن حبيش فكان قاب قوسين أو أدنى فقال: أخبرني ابن مسعود جبريل له ستمائة جناح» قال «أن النبي صلى الله عليه وسلم رأى أبو عيسى: هذا حديث حسن غريب [ ص: 305 ] صحيح. ثم روى فقال: حدثنا الترمذي محمد بن عمرو بن نبهان بن صفوان البصري، حدثنا يحيى بن كثير العنبري، حدثنا سلم بن جعفر، عن الحكم بن أبان، عن عكرمة، عن قال: ابن عباس «رأى محمد ربه، قلت: أليس الله يقول: لا تدركه الأبصار وهو يدرك الأبصار [الأنعام: 103] قال: ويحك! ذاك نوره إذا تجلى بنوره الذي هو نوره، وقد رأى محمد ربه مرتين» قال أبو عيسى: هذا حديث حسن [ ص: 306 ] غريب من هذا الوجه.