الوجه الرابع والثلاثون: أنه قال: «لأحرقت كل شيء أدركه بصره» لم يخص بذلك الإنسان العاجز عن مطالعة تلك الكمالات.
الوجه الخامس والثلاثون: أن قوله في الحديث الصحيح: قد بينوا السبحات في لغة العرب. قال [ ص: 143 ] «حجابه النور أو النار، لو كشفه لأحرقت سبحات وجهه ما أدركه بصره من خلقه» في كتاب السنة: سألت الخلال عنها. ثعلبا
وقد رواه في كتاب [ ص: 144 ] الإبانة عن ابن بطة أبي بكر عنه، قال: سألت عن ثعلبا «لأحرقت سبحات وجهه» فقال: السبحات يعني من ابن آدم الموضع الذي يسجد عليه، وهذا الذي قال ثعلب: معروف، يقول أحدهم: أما ترى إلى سبحات وجهه، يعني إلى نور هذا الموضع، وكأنه -والله أعلم- سمى ذلك سبحات؛ لأن الصلاة تسمى تسبيحا، ويسمون صلاة التطوع سبحة، لغة مشهورة، لأن العبد يجمع فيه بين كمال القول والفعل، وهو حال السجود الذي يكون العبد فيه أقرب ما يكون من ربه، إذ أفضل أقوال الصلاة القراءة، لكن نهي عنها في الركوع والسجود، وأفضل أفعالها السجود وذكره التسبيح، والسبحة ما يسبح به، كما يسمى النظام الذي فيه خرز يسبح به سبحة. وسبحات وجهه: ما يسبح به. قول [ ص: 145 ] النبي صلى الله عليه وسلم:
وقال فأما قوله: «كل شيء أدركه بصره من [ ص: 146 ] خلقه» معناه: أن نور وجهه يحرق ما يدركه من خلقه، وذكر قول القاضي أبو يعلى: وهذا يطابق معنى الحديث، حيث أخبر أن حجابه النار أو النور، وأنه لو كشف ذلك الحجاب لأحرقت سبحات وجهه التي حجابها النور أو النار ما أدركه بصره من خلقه، قال: نور سبحاته تحرق ما أدركه بصره من خلقه، وقد تقدم أن ثعلب، كان إذا روى هذا الحديث عن أبا عبيدة بن عبد الله بن مسعود يقرأ: أبي موسى أن بورك من في النار ومن حولها وسبحان الله رب العالمين [النمل: 8]..