الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                صفحة جزء
                                                7173 7174 7175 ص: فكل ذلك عندنا -والله أعلم - على ما علق قبل نزول البلاء لدفع نزول البلاء ، وذلك ما [لا] يستطيعه غير الله -عز وجل - ، فنهى عن ذلك لأنه شرك ، . فأما ما كان بعد نزول البلاء فلا بأس ; لأنه علاج . وقد روي هذا الكلام بعينه عن عائشة - رضي الله عنها - :

                                                حدثنا يونس ، قال : ثنا ابن وهب ، قال : أخبرني عمرو بن الحارث وابن لهيعة ، عن بكير بن الأشج ، عن القاسم بن محمد ، أن عائشة زوج النبي -عليه السلام - قالت : "ليست بتميمة ؛ ما علق بعد أن يقع البلاء " .

                                                حدثنا ابن مرزوق ، قال : ثنا أبو الوليد ، عن عبد الله بن المبارك ، عن طلحة بن أبي سعيد -أو سعد - عن بكير . . ... ، فذكر بإسناده مثله .

                                                فقد يحتمل أن يكون أيضا الكي نهي عنه إذا فعل قبل نزول البلاء وأبيح إذا فعل بعد نزول البلاء ; لأن ما فعل بعد نزول البلاء فإنما هو علاج ، وقد روي عن رسول الله -عليه السلام - في العلاج ما قد ذكرناه في هذا الباب .

                                                التالي السابق


                                                ش: أي فكل ما روي من النهي عن تعليق التمائم والقلائد والأوتار ونحو ذلك محمول على ما إذا فعل ذلك قبل نزول البلاء لأجل دفع القضاء والقدر حتى لا ينزل البلاء ، وليس ذلك إلا في قدرة الله تعالى ، فنهي عن ذلك لأنه شرك ، وأما إذا فعل من ذلك شيء بعد نزول البلاء فلا بأس به ; لأنه يكون من باب العلاج وقد ورد عن النبي -عليه السلام - إباحة العلاج والتداوي مطلقا على ما مر .

                                                قوله : "وقد روي هذا الكلام بعينه " أراد به ما قاله من قوله : "وكل ذلك عندنا والله أعلم . . . . " إلى آخره ، وبين ذلك بقوله : حدثنا يونس . . . . إلى آخره .

                                                [ ص: 185 ] وأخرجه من طريقين صحيحين :

                                                الأول : عن يونس بن عبد الأعلى ، عن عبد الله بن وهب ، عن عمرو بن الحارث وعبد الله بن لهيعة ، كلاهما عن بكير بن الأشج ، عن القاسم بن محمد بن أبي بكر الصديق - رضي الله عنه - .

                                                وابن لهيعة ذكر متابعة .

                                                وأخرجه البيهقي في "سننه " : من حديث ابن وهب ، أخبرني عمرو ، عن بكير ، عن القاسم ، عن عائشة نحوه .

                                                الثاني : عن إبراهيم بن مرزوق ، عن أبي الوليد هشام بن عبد الملك الطيالسي شيخ البخاري ، عن عبد الله بن المبارك العابد الزاهد عن طلحة بن أبي سعيد -أو سعد - الإسكندري ، عن بكير بن عبد الله بن الأشج ، عن القاسم ، عن عائشة .

                                                وأخرجه البيهقي أيضا : من حديث ابن المبارك ، عن طلحة بن أبي سعيد ، عن بكير بن الأشج ، عن القاسم ، عن عائشة : "ليست التميمة مما يعلق قبل البلاء ، وإنما التميمة ما يعلق بعد البلاء ليدفع بها المقادير " .




                                                الخدمات العلمية