الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                صفحة جزء
                                                5794 5795 5796 5797 ص: وقد اضطرب علينا حديث فضالة الذي ذكرنا ، فرواه قوم على ما ذكرنا في أول هذا الباب ، ورواه آخرون على غير ذلك :

                                                حدثنا يونس ، قال : ثنا ابن وهب ، قال : ثنا أبو هانئ ، أنه سمع علي بن رباح اللخمي يقول : سمعت فضالة بن عبيد الأنصاري يقول : " أتي رسول الله -عليه السلام - وهو بخيبر بقلادة فيها ذهب وخرز وهي من الغنائم تباع ، فأمر رسول الله -عليه السلام - بالذهب الذي في القلادة فنزع وحده ، ثم قال رسول الله -عليه السلام - : الذهب بالذهب وزنا بوزن " .

                                                حدثنا ربيع المؤذن ، قال : ثنا أسد ، قال : ثنا ابن لهيعة ، قال : ثنا حميد بن هانئ ، عن علي ، عن فضالة ، عن رسول الله -عليه السلام - ، مثله غير أنه لم يقل : "بخيبر " .

                                                حدثنا بكر بن إدريس ، قال : ثنا المقرئ ، قال : ثنا حيوة ، عن هانئ . . . . فذكر بإسناده مثله .

                                                ففي هذا الحديث غير ما في الحديث الأول ، في هذا أن رسول الله -عليه السلام - نزع الذهب فجعله على حدة ، ثم قال : "الذهب بالذهب وزنا بوزن " . ليعلم الناس كيف حكم الذهب بالذهب ، فقد يجوز أن يكون رسول الله -عليه السلام - فصل الذهب ; لأن صلاح المسلمين كان في ذلك ، ففعل ما فيه صلاحهم لا لأن بيع الذهب قبل أن ينزع مع غيره في صفقة واحدة غير جائز ، وهذا خلاف ما روى من روى أن رسول الله -عليه السلام - قال : "لا تباع حتى تفصل " .

                                                التالي السابق


                                                ش: هذا جواب عن حديث فضالة بن عبيد الذي احتج به أهل المقالة الأولى فيما ذهبوا إليه ; حاصله أن هذا حديث مضطرب قد روي على وجوه مختلفة ، فرواه قوم وأراد بهم : إبراهيم البرلسي عن عمرو بن عون ، والربيع عن أسد ،

                                                [ ص: 301 ] وفهدا عن ابن أبي شيبة ، فإنهم رووه على ما يقتضي صحة ما ذهب إليه أهل المقالة الأولى من عدم جواز بيع الذهب بالذهب إذا كان مع أحدهما شيء غير الذهب ، ورواه آخرون أي قوم آخرون وأراد بهم : يونس بن عبد الأعلى عن ابن وهب ، وربيعا أيضا عن أسد عن ابن لهيعة ، وبكر بن إدريس عن المقرئ على غير ذلك ، أي على غير ما رواه القوم الأولون ، وبين ذلك بإخراجه عن ثلاث طرق :

                                                الأول : عن يونس بن عبد الأعلى ، عن عبد الله بن وهب ، عن أبي هانئ حميد بن هانئ الخولاني ، عن علي -بضم العين - بن رباح اللخمي ، عن فضالة .

                                                وهذا إسناد صحيح .

                                                وأخرجه مسلم : حدثني أبو الطاهر أحمد بن عمرو بن سرح قال : أنا ابن وهب ، قال : أخبرني أبو هانئ الخولاني ، أنه سمع علي بن رباح اللخمي يقول : سمعت فضالة بن عبيد الأنصاري يقول : "أتي رسول الله -عليه السلام - وهو بخيبر بقلادة فيها خرز وذهب -وهي من المغانم - تباع ، فأمر رسول الله -عليه السلام - بالذهب الذي في القلادة فنزع وحده ، ثم قال لهم رسول الله -عليه السلام - : الذهب بالذهب وزنا بوزن .

                                                الثاني : عن ربيع بن سليمان المؤذن صاحب الشافعي ، عن أسد بن موسى ، عن عبد الله بن لهيعة ، فيه مقال ، عن حميد بن هانئ ، عن علي بن رباح ، عن فضالة . . إلى آخره .

                                                الثالث : عن بكر بن إدريس بن الحجاج ، عن أبي عبد الرحمن عبد الله بن يزيد المقرئ ، شيخ البخاري ، عن حيوة بن شريح بن صفوان التجيبي المصري الفقيه العابد ، عن أبي هانئ حميد بن هانئ ، عن علي بن رباح ، عن فضالة ، عن النبي -عليه السلام - .

                                                قوله : "ففي هذا الحديث " أراد به هذا الحديث الذي أخرجه من هذه الطرق المذكورة . "غير ما في الحديث الأول " وأراد به ما أخرجه في أول الكتاب ، وبين

                                                [ ص: 302 ] الغيرية بقوله : "في هذا أن رسول الله -عليه السلام - نزع الذهب فجعله على حدة . . . . " إلى آخره وهو ظاهر .




                                                الخدمات العلمية