الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                صفحة جزء
                                                6177 ص: قال أبو جعفر : -رحمه الله - : فذهب قوم إلى أن الرجل إذا اشترى عبدا بثمن ، وقبض العبد ولم يدفع ثمنه ، فأفلس المشتري وعليه دين والعبد قائم في يده بعينه ; أن بائعه أحق به من غيره من غرماء المشتري ، واحتجوا في ذلك بهذا الحديث .

                                                التالي السابق


                                                ش: أراد بالقوم هؤلاء : عطاء بن أبي رباح وعروة بن الزبير وطاوسا وعامرا الشعبي والأوزاعي وعبيد الله بن الحسن ومالكا والشافعي وأحمد وإسحاق وداود ; فإنهم [قالوا] : صاحب السلعة أحق بها في هذه الصورة .

                                                وإليه ذهب أهل الظاهر أيضا .

                                                وقال أبو عمر : حديث التفليس هذا من رواية الحجازيين والبصريين حديث صحيح عند أهل النقل ثابت ، وأجمع فقهاء الحجاز وأهل الأثر على القول بجملته وإن اختلفوا في أشياء من فروعه .

                                                [ ص: 545 ] ثم قال : واختلف مالك والشافعي في المفلس يأبى غرماؤه دفع السلعة إلى صاحبها وقد وجدها بعينها ، ويريدون دفع الثمن إليه من قبل أنفسهم لما لهم في قبض السلعة من الفضل ، فقال مالك : ذلك لهم ، وليس لصاحبها أخذها إذا دفع إليه الغرماء الثمن .

                                                وقال الشافعي : ليس للغرماء في هذا مقال ، قال : وإذا لم يكن للمفلس ولا لورثته أخذ السلعة ، فالغرماء أبعد من ذلك ، وإنما الخيار لصاحب السلعة إن شاء أخذها وإن شاء تركها وضرب مع الغرماء .

                                                لأنه -عليه السلام - جعل صاحبها أحق بها منهم .

                                                وبه قال أبو ثور وأحمد وجماعة .

                                                واختلف مالك والشافعي أيضا إذا اقتضى صاحب السلعة من ثمنها شيئا ، فقال ابن وهب وغيره ، عن مالك : إن أحب صاحب السلعة أن يرد ما قبض من الثمن ويقبض سلعته كان ذلك له .

                                                وقال الشافعي : لو كانت السلعة عبدا فأخذ نصف ثمنه ثم أفلس الغريم كان له نصف العبد ، لأنه بعينه وبيع النصف الثاني الذي بقي للغرماء ، ولا يرد شيئا مما أخذ ; لأنه مستوف لما أخذ .

                                                وبه قال أحمد .

                                                واختلف مالك والشافعي في المفلس يموت قبل الحكم عليه وقبل توقيفه ، فقال مالك : ليس حكم المفلس كحكم الميت ، وبائع السلعة إذا وجدها بعينها أسوة للغرماء في الموت ، بخلاف التفليس . وبه قال أحمد . انتهى .

                                                وقال ابن حزم : قال قتادة : من وجد بعض سلعته -قل أو كثر - فهو أحق بها من سائر الغرماء في التفليس في الحياة ، وأما بعد الموت فهو أسوة الغرماء فيها .

                                                وقال الشافعي : إن وجدها أو بعضها فهو أحق بها -أو بالذي وجد منها - من الغرماء -ولم يخص حياة من موت - قال : فإن كان قبض من الثمن شيئا فهو أحق بما بقي له فقط .

                                                [ ص: 546 ] وقال أحمد : هو أحق بها في الحياة وأما في الموت فهو أسوة الغرماء .




                                                الخدمات العلمية