الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                صفحة جزء
                                                6147 ص: فقد علمنا أن النبي -عليه السلام - لو علم الكاذب منهما بعينه لم يفرق بينهما ولم يلاعن ، ولو علم أن المرأة صادقة لحد الزوج لها بقذفه إياها ، ولو علم أن الزوج [ ص: 503 ] صادق لحد المرأة للزنا الذي كان منها ، فلما خفي الصادق منهما على الحكم وجب حكم آخر ، فحرم الفرج على الزوج في الباطن والظاهر ولم يرد ذلك إلى حكم الباطن ، فلما ثبت هذا في المتلاعنين ثبت أن كذلك الفروق كلها والقضاء بما ليس فيه تمليك أموال أنه على حكم الظاهر لا على حكم الباطن ، وأن حكم القاضي يحدث في ذلك التحريم والتحليل في الظاهر والباطن جميعا ، وأنه خلاف الأموال التي يقضى بها على حكم الظاهر وهي في الباطن على خلاف ذلك ; فتكون الآثار الأول هي على القضاء بالأموال ، والآثار الأخر هي على القضاء بغير الأموال في إثبات العقود وحلها ; حتى تتفق معاني وجوه الآثار والأحكام ولا تتضاد .

                                                وقد حكم رسول الله -عليه السلام - في المتبايعين إذا اختلفا في الثمن والسلعة قائمة أنهما يتحالفان ويترادان ، فتعود الجارية إلى البائع ويحل له فرجها ويحرم على المشتري ، ولو علم الكاذب منهما بعينه إذا لقضى بما يقول الصادق ، ولم يقض بفسخ بيع ولا بوجوب حرمة فرج الجارية المبيعة على المشتري ، فلما كان ذلك على ما وصفنا ; كان كذلك كل قضاء بتحريم أو تحليل أو عقد نكاح على ما حكم القاضي فيه في الظاهر ، لا على حكمه في الباطن ، وهذا قول أبي حنيفة ، ومحمد بن الحسن -رحمهما الله - .

                                                التالي السابق


                                                ش: هذا كله ظاهر .

                                                قوله : "منهما " أي من المتلاعنين ، وهما الزوجان .

                                                قوله : "فتكون الآثار الأول " : وهي الأحاديث التي احتجت بها أهل المقالة الأولى .

                                                قوله : "وقد حكم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - . . . . " إلى آخره ، ذكره شاهدا لما قبله .

                                                قوله : "أنهما يتحالفان " مفعول لقوله : "حكم " أي أن المتبايعين .

                                                قوله : "إذا " أي حينئذ .




                                                الخدمات العلمية