الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                صفحة جزء
                                                6116 ص: وقد حدثنا وهبان ، قال : ثنا أبو همام ، قال : ثنا ابن المبارك ، عن ابن أبي ذئب ، عن الزهري : " أن معاوية - رضي الله عنه - أول من قضى باليمين مع الشاهد ، وكان الأمر على غير ذلك " .

                                                التالي السابق


                                                ش: أشار بذلك إلى أن محمد بن مسلم الزهري قد أنكر القضاء باليمين وشاهد حيث قال : "وكان الأمر على غير ذلك " وروى ابن حزم عن الزهري ولفظه قال : "هو بدعة مما أحدثه الناس ، أول من قضى به معاوية " وقال عطاء بن أبي رباح "أول من قضى به عبد الملك بن مروان " .

                                                [ ص: 459 ] وأخرجه الطحاوي عن وهبان بن عثمان ، عن أبي همام الوليد بن شجاع شيخ مسلم وأبي داود وآخرين ، عن عبد الله بن المبارك ، عن محمد بن عبد الرحمن بن أبي ذئب المدني ، عن محمد بن مسلم الزهري . . . . إلى آخره .

                                                فإن قيل : كيف قال الزهري إن معاوية أول من قضى باليمين مع الشاهد وقد روى البيهقي في "سننه " من حديث أبي عاصم ، عن أبي بكر بن أبي سبرة ، عن أبي الزناد ، عن عبد الله بن عامر : "حضرت أبا بكر وعمر وعثمان - رضي الله عنهم - يقضون بشهادة الشاهد واليمين " .

                                                وروى أيضا من حديث طلحة بن زيد ، ثنا جعفر بن محمد ، عن أبيه ، عن علي - رضي الله عنه - "أن رسول الله -عليه السلام - وأبا بكر وعمر وعثمان كانوا يقضون بشهادة الشاهد الواحد ويمين المدعي ، قال جعفر : والقضاة يقضون بذلك عندنا اليوم " .

                                                قلت : أبو بكر بن أبي سبرة ضعيف قد ضعفه البيهقي في باب وطء أم الولد ، وقال أحمد : كان يضع الحديث ، وذكره الذهبي في كتاب "الضعفاء " ، وقال في "مختصر السنن " : أبو بكر تركوه . وكذا قال : وطلحة بن زيد متروك . وقال البخاري : منكر الحديث . وقال النسائي : متروك الحديث . وقال ابن حبان : لا يحل الاحتجاج بخبره . وقال الدارقطني : ضعيف الحديث . ومن يكون حاله هذا كيف يجوز الاستدلال به في المذهب ؟ ! فيا للعجب من البيهقي ، يستدل في كتابه "السنن " بمن هو ضعيف فيصرح بضعفه في باب ويسكت عنه في باب آخر ويحتج به ! ثم هو يحط على الطحاوي بأنه يستدل بالضعفاء ، ومع هذا لا يذكر الطحاوي أحاديث الضعفاء إلا في الشواهد والمتابعات ، أو في احتجاجات الخصوم ; يظهر ذلك لمن يتأمل كلامه .




                                                الخدمات العلمية