الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                صفحة جزء
                                                6167 6168 6169 ص: واحتج أهل المقالة الأولى لقولهم أيضا : بما حدثنا يونس ، قال : أنا أنس ، قال : أخبرني يحيى بن سعيد ، عن سليمان بن يسار : " ، أن رجلين أتيا عمر ، -رضي الله عنه - كلاهما يدعي ولد امرأة ، فدعا لهما رجلا من بني كعب ، قائما ، فنظر إليهما فقال لعمر : -رضي الله عنه - : قد اشتركا فيه ، فضربه عمر بالدرة ، ودعا المرأة فقال : أخبريني بخبرك ، فقالت : كان هذا -لأحد الرجلين - يأتيها وهي في إبل لأهلها فلا يفارقها حتى يطأ ويظن أن قد استمر بها حمل ثم ينصرف عنها ، فأهراقت عنه دما ، ثم خلفها هذا -تعني الآخر - فلا يفارقها حتى استمر بها حمل ، فلا تدري ممن هو ، فكبر الكعبي ، ، فقال عمر -رضي الله عنه - للغلام : "وال أيهما شئت " .

                                                حدثنا يونس ، قال : أنا ابن وهب ، أن مالكا حدثنا ، عن يحيى بن سعيد ، عن سليمان ، مثله .

                                                حدثنا بحر بن نصر ، قال : ثنا ابن وهب ، قال : أخبرني ابن أبي الزناد ، عن هشام بن عروة ، عن أبيه ، عن يحيى بن حاطب ، عن أبيه قال : "أتى رجلان إلى عمر بن الخطاب -رضي الله عنه - يختصمان في غلام من ولادة الجاهلية ، يقول هذا : هو ابني ،

                                                [ ص: 532 ] ويقول هذا : هو ابني ، فدعا لهما عمر -رضي الله عنه - قائفا من بني المصطلق ، ، فسأله عن الغلام ، فنظر إليه المصطلقي ، ثم نظر ، ثم قال لعمر : -رضي الله عنه - :

                                                والذي أكرمك ، ليس لأحدهما ، قد اشتركا فيه جميعا ، فقام إليه عمر بالدرة فضربه حتى اضطجع ، ثم قال : والله لقد ذهب بك النظر إلى غير مذهب ، ثم دعا أم الغلام فسألها ، فقالت : إن هذا -لأحد الرجلين - قد كان غلب على الناس حتى ولدت له أولادا ، ثم وقع بي على نحو ما كان يفعل ، فحملت فيما أرى ، فأصابتني هراقة من دم حتى وقع في نفسي أن لا شيء في بطني ، ثم إن هذا الآخر ، وقع بي فوالله ما أدري من أيهما هو ، فقال عمر - رضي الله عنه - للغلام : اتبع أيهما شئت ، فاتبع أحدهما ، قال عبد الرحمن بن حاطب : : فكأني أنظر إليه متبعا لأحدهما فذهب به ، فقال عمر : - رضي الله عنه - : قاتل الله أخا بني المصطلق " .

                                                قالوا : ففي هذا الحديث أن عمر - رضي الله عنه - حكم بالقافة ، فقد وافق ما تأولنا من حديث مجزز المدلجي . .

                                                التالي السابق


                                                ش: أي احتج أهل المقالة الأولى أيضا لما ذهبوا إليه بما روي عن عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - .

                                                وأخرجه من ثلاث طرق صحاح :

                                                الأول : عن يونس بن عبد الأعلى المصري ، عن أنس بن عياض بن ضمرة المدني ، عن يحيى بن سعيد الأنصاري ، عن سليمان بن يسار المدني .

                                                وأخرجه البيهقي في "الخلافيات " من حديث يحيى بن سعيد ، عن سليمان بن يسار : "أن عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - كان يليط أولاد الجاهلية بمن ادعاهم في الإسلام ، قال سليمان : فأتى رجلان كلاهما يدعي ولد امرأة ، فدعا عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - قائفا فنظر إليهما ، فقال القائف : لقد اشتركا فيه ، فضربه عمر - رضي الله عنه - بالدرة ، ثم قال للمرأة : أخبريني خبرك ، فقالت : كان هذا -لأحد الرجلين - يأتيها وهي في إبل أهلها ، فلا يفارقها حتى يظن أنه قد استمر بها حمل ، ثم انصرف

                                                [ ص: 533 ] عنها فأهريقت دما ، ثم خلف هذا -تعني الآخر - فلا أدري من أيها هو ، فكبر القائف ، ثم قال عمر بن الخطاب للغلام : وال أيهما شئت " .

                                                الثاني : عن يونس بن عبد الأعلى أيضا ، عن عبد الله بن وهب ، عن مالك بن أنس ، عن يحيى بن سعيد ، عن سليمان بن يسار .

                                                وأخرجه مالك في "موطإه " ، والبيهقي في "سننه " من حديث مالك .

                                                الثالث : عن بحر بن نصر بن سابق الخولاني ، عن عبد الله بن وهب ، عن عبد الرحمن بن أبي الزناد عبد الله بن ذكوان ، عن هشام بن عروة ، عن أبيه عروة بن الزبير بن العوام ، عن يحيى بن عبد الرحمن بن حاطب ، عن أبيه عبد الرحمن بن حاطب .

                                                وأخرجه البيهقي في "سننه " من حديث ابن أبي الزناد ، عن هشام ، عن أبيه ، عن يحيى بن عبد الرحمن ، عن أبيه : "أتى رجلان يختصمان في غلام من ولاد الجاهلية ، يقول هذا : ابني ، ويقول هذا : ابني ، فدعا عمر - رضي الله عنه - قائفا من بني المصطلق . . . . " إلى آخره نحوه .

                                                وأخرجه الشافعي أيضا : عن أبي ضمرة ، عن هشام ، عن أبيه ، عن يحيى بن عبد الرحمن ، نحوه .

                                                قوله : "قالوا " أي أهل المقالة الأولى "ففي هذا الحديث " أراد به أثر عمر بن الخطاب -رضي الله عنه - .




                                                الخدمات العلمية