الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                صفحة جزء
                                                5791 ص: ... أسامة مما لم يثبت منه حديث أسامة من كثرة من نقله له من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حتى قامت عليه به الحجة ولم يكن ذلك من حديث أسامة ; لأنه خبر واحد ، فرجع إلى ما جاءت به الجماعة الذين تقوم بنقلهم الحجة ، وترك ما جاء به الواحد الذي قد يجوز عليه السهو والغلط والغفلة ، والذي ثبتنا في الصرف هو قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد -رحمهم الله - .

                                                التالي السابق


                                                ش: لما أول ما روي عن ابن عباس - رضي الله عنهما - من ذهابه إلى ما رواه عن أسامة بن زيد : "إنما الربا في النسيئة " بالتأويل المذكور ; أيد صحته بما روي عنه أنه رجع عن ذلك ، وذلك لا يخلو عن أمرين :

                                                أحدهما : أنه كان قد علم أن الذي حدثه أسامة إنما هو ربا القرآن ، وعلم أن الربا الذي بالسنة خلاف ذلك .

                                                والآخر : أنه كان قد ثبت عنده ما يخالف حديث أسامة ، والدليل عليه ما أخرجه عن نصر بن مرزوق ، عن الخصيب -بفتح الخاء المعجمة - بن ناصح الحارثي البصري ، عن حماد بن سلمة ، عن داود بن أبي هند ، عن أبي نضرة المنذر بن مالك العوقي ، عن أبي الصهباء صهيب مولى ابن عباس ، وثقه ابن حبان ، وروى له مسلم وأبو داود والنسائي .

                                                وأخرج مسلم : نا إسحاق بن إبراهيم ، قال : أنا عبد الأعلى ، قال : أنا داود ،

                                                [ ص: 292 ] عن أبي نضرة قال : "سألت ابن عمر وابن عباس - رضي الله عنهم - عن الصرف [فلم يريا به بأسا ، فإني لقاعد عند أبي سعيد الخدري ، فسألته عن الصرف] ، فقال : ما زاد فهو ربا ، فأنكرت ذلك ; لقولهما ، فقال : لا أحدثك إلا ما سمعت من رسول الله -عليه السلام - ، جاءه صاحب نخله بصاع من تمر طيب ، وكان تمر النبي -عليه السلام - هذا اللون ، فقال له النبي -عليه السلام - : أنى لك هذا ؟ قال : انطلقت بصاعين فاشتريت به هذا الصاع ، فإن سعر هذا في السوق كذا وسعر هذا كذا ، فقال رسول الله -عليه السلام - : ويلك ; أربيت ، إذا أردت ذلك فبع تمرك سلعة ثم اشتر بسلعتك أي تمر شئت . قال أبو سعيد : فالتمر بالتمر أحق أن يكون ربا أم الفضة بالفضة ؟ قال : فأتيت ابن عمر بعد فنهاني ، ولم آت ابن عباس ، قال : فحدثني أبو الصهباء أنه سأل ابن عباس عنه بمكة فكرهه " .

                                                وقال ابن حزم : وروى عنه أبو الصهباء أنه كرهه . وروى عنه طاوس ما يدل على التوقف ، وروى الثقة المختص به خلاف ذلك كما حدثنا [همام] ، ثنا عباس بن أصبغ ، ثنا محمد بن عبد الملك بن أيمن ، ثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل ، ثنا أبي ، نا هشيم ، أنا أبو بشر -هو جعفر بن أبي وحشية ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس قال : "ما كان الربا قط في هاء وهات . وحلف سعيد بن جبير بالله ما رجع عنه حتى مات " .

                                                قوله : "قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد " وهو قول الشافعي ومالك وأحمد أيضا ، وهو قول جماهير الفقهاء من التابعين .




                                                الخدمات العلمية