الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                صفحة جزء
                                                5780 5781 5782 5783 5784 ص: ثم هذا أصحاب رسول الله -عليه السلام - من بعده قد ذهبوا في ذلك إلى ما تواترت به الروايات عن رسول الله -عليه السلام - أيضا :

                                                حدثنا ابن مرزوق ، قال : ثنا وهب ، قال : ثنا شعبة ، عن جبلة بن سحيم ، قال : سمعت ابن عمر - رضي الله عنهما - يقول : "خطب عمر - رضي الله عنه - فقال : لا يشتري أحدكم دينارا [ ص: 288 ] بدينارين ولا درهما بدرهمين ولا نقيرا بنقيرين ، إني أخشى عليكم الرماء ، ، وإني لا أوتى بأحد فعله إلا قد أوجعته عقوبة في نفسه وماله " .

                                                حدثنا ابن مرزوق ، قال : ثنا وهب ، عن شعبة ، عن الأشعث ، عن أبيه ، عن ابن عمر قال : قال عمر : - رضي الله عنه - : "لا يأخذ أحدكم درهما بدرهمين ; فإني أخشى عليكم الرماء " .

                                                حدثنا ابن مرزوق ، قال : ثنا وهب ، قال : ثنا أبي ، قال : سمعت نافعا ، قال : حدثني ابن عمر ، قال : خطب عمر - رضي الله عنه - فقال : "لا تبيعوا الذهب بالذهب ، ولا الورق بالورق إلا مثلا بمثل ، ولا تشفوا بعضها على بعض ; فإني أخاف عليكم الرماء " .

                                                حدثنا ابن مرزوق ، قال : ثنا عارم ، قال : ثنا حماد بن زيد ، عن أيوب ، عن نافع ، عن ابن عمر ، عن عمر - رضي الله عنه - مثله .

                                                قال أبو جعفر : فهذا عمر بن الخطاب يخطب بهذا على منبر رسول الله -عليه السلام - بحضرة أصحابه ، فلا ينكره عليه منكر ، فدل ذلك على موافقتهم له عليه .

                                                التالي السابق


                                                ش: أراد أن الصحابة - رضي الله عنهم - قد ذهبوا في ذلك أي في بيع أحد النقدين بالآخر إلى ما تواترت -أي تكاثرت - به الروايات عن النبي -عليه السلام - أيضا .

                                                وأخرج في ذلك عن عمر بن الخطاب من أربع طرق صحاح :

                                                الأول : عن إبراهيم بن مرزوق ، عن وهب بن جرير ، عن أبيه جرير بن حازم ، عن شعبة ، عن جبلة بن سحيم التيمي الكوفي ، عن عبد الله بن عمر .

                                                وأخرجه ابن أبي شيبة في "مصنفه " : ثنا علي بن مسهر ، عن الشيباني ، عن جبلة بن سحيم ، عن عبد الله بن عمر ، عن عمر قال : "أيها الناس لا تشتروا دينارا بدينارين ولا درهما بدرهمين ، فإني أخاف عليكم الرماء ، قيل : وما الرماء ؟ قال : هو الذي تدعونه الربا " .

                                                [ ص: 289 ] الثاني : عن ابن مرزوق أيضا ، عن وهب بن جرير ، عن شعبة ، عن الأشعث بن أبي الشعثاء الكوفي ، عن أبيه أبي الشعثاء سليم بن أسود بن حنظلة المحاربي الكوفي ، عن عبد الله بن عمر .

                                                الثالث : عن ابن مرزوق أيضا ، عن وهب بن جرير ، عن أبيه جرير بن حازم ، عن نافع ، عن ابن عمر - رضي الله عنهما - .

                                                وأخرجه البيهقي في "سننه " : من حديث جرير بن حازم ، سمعت نافعا يقول : "كان ابن عمر يحدث عن عمر في الصرف ولم يسمع فيه من النبي -عليه السلام - شيئا ، قال : قال عمر - رضي الله عنه - : "لا تبيعوا الذهب بالذهب ولا الورق بالورق إلا مثلا بمثل سواء ، ولا تشفوا بعضه على بعض ; إني أخاف عليكم الرماء . قلت لنافع : وما الرماء ؟ قال : الربا " .

                                                الرابع : عن ابن مرزوق أيضا ، عن عارم -وهو محمد بن الفضل السدوسي - شيخ البخاري ، عن حماد بن زيد ، عن أيوب السختياني ، عن نافع ، عن ابن عمر .

                                                قوله : "الرماء " بفتح الراء والميم ممدودا ، وهي الزيادة على ما لا يحل ، ويروى : الأرماء ، يقال : أرمى على الشيء إرماء إذا زاد عليه ، كما يقال : أربى إرباء .

                                                قوله : "ولا تشفوا " أي لا تفضلوا ، من الشف وهو الربح والزيادة ، وقد حققناه مرة .




                                                الخدمات العلمية