5756 ص: وكان من الحجة لهم في تأويل حديث ابن عباس عن أسامة - رضي الله عنهم - الذي ذكرناه في الفصل الأول أن ذلك الربا إنما عنى به ربا القرآن الذي كان أصله في النسيئة ; ، وذلك أن الرجل كان يكون له على صاحبه الدين ، فيقول له : أجلني به إلى كذا وكذا ، بكذا وكذا درهما أزيدكها في دينك ; فيكون مشتريا للأجل بمال ، [ ص: 270 ] فنهاهم الله -عز وجل - عن ذلك بقوله : يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وذروا ما بقي من الربا إن كنتم مؤمنين ثم جاءت السنة بعد ذلك بتحريم على ما ذكره الربا في الفضل في بيع الذهب بالذهب والفضة بالفضة ، وسائر الأشياء من المكيلات والموزونات عبادة بن الصامت - رضي الله عنه - عن رسول الله -عليه السلام - فيما روينا عنه فيما تقدم من كتابنا هذا في باب بيع الحنطة بالشعير ، فكان ذلك ربا حرم بالسنة وتواترت به الآثار عن رسول الله -عليه السلام - حتى قامت به الحجة ، والدليل على أن ذلك الربا المحرم في هذه الآثار هو عين الربا الذي رواه عن ابن عباس: أسامة عن رسول الله -عليه السلام - : رجوع ابن عباس إلى ما حدثه به أبو سعيد عن رسول الله -عليه السلام - مما قد ذكرنا في هذا الباب ، فلو كان ما حدثه به أبو سعيد من ذلك في المعنى الذي كان أسامة حدثه به إذا لما كان حديث أبي سعيد عنده بأولى من حديث أسامة ، ولكنه لم يكن له علم بتحريم رسول الله -عليه السلام - هذا الربا حتى حدثه به أبو سعيد ، فعلم أن ما كان حدثه به أسامة عن رسول الله -عليه السلام - كان في ربا غير ذلك الربا .