الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
قال : ( وإذا فصد الفصاد أو بزغ البزاغ ولم يتجاوز الموضع المعتاد فلا ضمان عليه فيما عطب من ذلك . وفي الجامع الصغير : بيطار بزغ دابة بدانق فنفقت أو حجام حجم عبدا بأمر مولاه فمات فلا ضمان عليه ) وفي كل واحد من العبارتين نوع بيان . ووجهه أنه لا يمكنه التحرز عن السراية [ ص: 128 ] لأنه يبتنى على قوة الطباع وضعفها في تحمل الألم فلا يمكن التقييد بالمصلح من العمل ، ولا كذلك دق الثوب ونحوه مما قدمناه ; لأن قوة الثوب ورقته تعرف بالاجتهاد فأمكن القول بالتقييد .

التالي السابق


( قوله : وفي كل واحد من العبارتين نوع بيان ) ; لأنه ذكر في مسألة القدوري عدم التجاوز عن الموضع المعتاد حتى إنه إذا تجاوز يجب الضمان وذكر في مسألة الجامع الصغير الأجرة وحجامة العبد بأمر المولى ، حتى إنه إذا لم يكن بأمره يجب الضمان فيجعل المذكور في إحداهما مذكورا في الأخرى ، كذا في النهاية ، ومعراج الدراية . وأحسن من ذلك في البيان عبارة الكفاية فإنه قال فيها : لأن رواية المختصر ناطقة [ ص: 128 ] بعدم التجاوز ساكتة عن الإذن ، ورواية الجامع الصغير ناطقة بالإذن ساكتة عن التجاوز ، فصار ما نطق به رواية المختصر بيانا لما سكت عنه رواية الجامع الصغير ، وما نطق به رواية الجامع الصغير بيانا لما سكت عنه رواية المختصر . فيستفاد بمجموع الروايتين اشتراط عدم التجاوز والإذن لعدم وجوب الضمان ، حتى إذا عدم أحدهما أو كلاهما يجب الضمان . ا هـ .

وأما صاحب العناية فقال وكل منهما يشتمل على نوع من البيان . أما في القدوري فلأنه ذكر عدم التجاوز عن الموضع المعتاد ، ويفيد أنه إذا تجاوز ضمن ، وأما في الجامع الصغير فلأنه بين الأجرة وكون الحجامة بأمر المولى والهلاك ، ويفيد أنها إذا لم تكن بأمره ضمن . ا هـ كلامه . أقول : في بيانه خلل ، فإنه جعل الهلاك أيضا من البيان الذي في عبارة الجامع الصغير ، وليس بسديد إذ لا شك أن مراد المصنف بقوله وفي كل واحد من العبارتين نوع بيان أن في كل واحد منهما نوعا من البيان مخصوصا به ، والهلاك مذكور في كل واحد منهما غير مخصوص بأحدهما ، فإنه قال في مختصر القدوري : فيما عطب من ذلك ، وقال في الجامع الصغير : فنفقت وفي كل واحد منهما معنى الهلاك ، بل ما في مختصر القدوري صرح في ذلك بما في الجامع الصغير ، فإن أهل اللغة فسروا عطب بهلك ونفق بمات .




الخدمات العلمية