الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[ ص: 146 ] قال : ( ويصح شرط الخيار في الإجارة ) وقال الشافعي رحمه الله : لا يصح ; لأن المستأجر لا يمكنه رد المعقود عليه بكماله لو كان الخيار له لفوات بعضه ، ولو كان للمؤجر فلا يمكنه التسليم أيضا على الكمال ، وكل ذلك يمنع الخيار . ولنا أنه عقد معاملة لا يستحق القبض فيه في المجلس فجاز اشتراط الخيار فيه كالبيع والجامع بينهما دفع الحاجة ، وفوات بعض المعقود عليه في الإجارة لا يمنع الرد بخيار العيب ، فكذا بخيار الشرط ، بخلاف البيع ، وهذا ; لأن رد الكل ممكن في البيع دون الإجارة فيشترط فيه دونها ولهذا يجبر المستأجر على القبض إذا سلم المؤجر بعد مضي بعض المدة .

التالي السابق


( قوله : وقال الشافعي : لا يصح ; لأن المستأجر لا يمكنه رد المعقود عليه بكماله لو كان الخيار له لفوات بعضه ، ولو كان للمؤجر فلا يمكنه التسليم أيضا على الكمال وكل ذلك يمنع الخيار ) أقول : في هذا الدليل للشافعي شيء ، وهو أنه قد تقرر عندهم أن الإجارة على نوعين : نوع يرد العقد فيه على العمل كاستئجار رجل على صبغ ثوب أو خياطته ، ونوع يرد العقد فيه على المنفعة كاستئجار دار للسكنى وأرض للزراعة ، والدليل المزبور لا يتمشى في النوع الأول أصلا ; لأن عدم إمكان رد المعقود عليه بكماله ، وعدم إمكان تسليمه أيضا على الكمال إنما ينشأ من أن يتلف شيء من المعقود عليه بمضي مدة الخيار كما نبه عليه في الكافي والشروح ، وفي العقد على العمل لا يتلف شيء من المعقود عليه قبل العمل قطعا ، وكذا لا يتمشى في بعض من النوع الثاني ، وهو ما لا يتعين المعقود عليه فيه بالمدة بل يتعين بالتسمية ، كاستئجار دابة ليحمل عليها مقدارا معلوما أو يركبها مسافة سماها ، وإنما يتمشى ذلك فيما يتعين المعقود عليه فيه بالمدة من النوع الثاني كاستئجار دار للسكنى فكان الدليل المزبور قاصرا عن إفادة ما ادعاه الشافعي من عدم صحة شرط [ ص: 147 ] الخيار في عقد الإجارة مطلقا فليتأمل .




الخدمات العلمية