الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
وسببه العتق على ملكه في الصحيح ، حتى لو عتق قريبه عليه بالوراثة كان الولاء له . وولاء موالاة ، وسببه العقد ولهذا يقال ولاء العتاقة وولاء الموالاة ، والحكم يضاف إلى [ ص: 219 ] سببه ، والمعنى فيهما التناصر ، وكانت العرب تتناصر بأشياء ، وقرر النبي صلى الله عليه وسلم تناصرهم بالولاء بنوعيه فقال : { إن مولى القوم منهم وحليفهم منهم } والمراد بالحليف مولى الموالاة لأنهم كانوا يؤكدون الموالاة بالحلف .

التالي السابق


( قوله وسببه العتق على ملكه في الصحيح ، حتى لو عتق قريبه عليه بالوراثة كان الولاء له ) إنما قيد بقوله في الصحيح احترازا عن قول أكثر أصحابنا فإنهم يقولون سببه الإعتاق ويستدلون بقوله عليه الصلاة والسلام { الولاء لمن أعتق } ولكنه ضعيف ، فإن من ورث قريبه فعتق عليه كان ولاؤه له ولا [ ص: 219 ] إعتاق هناك ، فالصحيح أن سببه العتق على ملكه ، ألا يرى أنه يقال : ولاء العتاقة ولا يقال ولاء الإعتاق ، والحكم يضاف إلى سببه ، وأما قوله عليه الصلاة والسلام { الولاء لمن أعتق } فالمراد أن الولاء له بسبب العتق لا بسبب الإعتاق ، فإن في الإعتاق عتقا بدون العكس ، هذا زبدة ما في جملة الشروح هاهنا .

وقال في البدائع : أما سبب ثبوته فالعتق سواء كان العتق حاصلا بصنعه وهو الإعتاق أو ما يجري مجرى الإعتاق شرعا كشراء القريب وقبول الهبة والصدقة والوصية ، أو بغير صنعه بأن ورث قريبه ، وسواء أعتقه تطوعا أو عن واجب عليه كالإعتاق عن كفارة القتل والظهار والإفطار واليمين والنذر ، وسواء كان الإعتاق بغير بدل أو ببدل وهو الإعتاق على مال ، وسواء كان منجزا أو معلقا بشرط أو مضافا إلى وقت ، وسواء كان صريحا أو يجري مجرى الصريح أو كناية أو يجري مجرى الكناية ، وكذا العتق الحاصل بالتدبير والاستيلاد ، والأصل فيه قوله صلى الله عليه وسلم { الولاء لمن أعتق } من غير فصل إلى هنا لفظ البدائع . أقول : كون الحديث المذكور أصلا في حق الصور المزبورة كلها محل نظر ، فإن في صورة إن كان العتق حاصلا بغير صنعه كما إذا ورث قريبه لا يوجد الإعتاق فلا تندرج تحت قوله عليه الصلاة والسلام { الولاء لمن أعتق } فليتأمل في الدفع ( قوله والمعنى فيهما التناصر ) قال صاحب العناية : قوله والمعنى فيهما التناصر بيان مفهومهما الشرعي ا هـ . أقول : فيه بحث ، إذ ليس مفهومهما الشرعي مطلق التناصر ، بل تناصر يوجب الإرث والعقل كما صرح به الشارح المزبور وغيره ، وبهذا الخصوص يمتاز مفهومهما الشرعي عن مفهومهما اللغوي كما عرفت ، فلو كان مراد المصنف بقوله المذكور بيان مفهومهما الشرعي لما أطلق التناصر بل خصصه بما هو المعتبر في مفهومهما الشرعي ، على أنه لو كان مراده بيان مفهومهما لغويا كان أو شرعيا لقال ومعناهما التناصر دون أن يقول والمعنى فيهما التناصر كما لا يخفى على من له دربة بأساليب الكلام . والحق أن مراد المصنف بقوله المذكور بيان المقصود منهما لا بيان مفهومهما ، وعن هذا قال صاحب الكافي بدل قول المصنف والمعنى فيهما التناصر ، والمطلوب بكل واحد منهما التناصر كما قال في المبسوط أيضا كذلك كما مر تدبر ترشد




الخدمات العلمية