الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
قال : ( وإذا مات أحد المتعاقدين وقد عقد الإجارة لنفسه انفسخت ) ; لأنه لو بقي العقد تصير المنفعة المملوكة به أو الأجرة المملوكة لغير العاقد مستحقة بالعقد ; لأنه ينتقل بالموت إلى الوارث وذلك لا يجوز ( وإن عقدها لغيره لم تنفسخ ) مثل الوكيل والوصي والمتولي في الوقف لانعدام ما أشرنا إليه من المعنى .

[ ص: 145 ]

التالي السابق


[ ص: 145 ] ذكر باب الفسخ آخرا ; لأن فسخ العقد بعد وجود العقد لا محالة فناسب ذكره آخرا ( قوله : وإذا مات أحد المتعاقدين وقد عقد الإجارة لنفسه انفسخت ; لأنه لو بقي العقد تصير المنفعة المملوكة به أو الأجرة المملوكة لغير العاقد مستحقة بالعقد ; لأنه ينتقل بالموت إلى الوارث وذلك لا يجوز ) قال في العناية : لأن الانتقال من المورث إلى الوارث لا يتصور في المنفعة والأجرة المملوكة ; لأن عقد الإجارة ينعقد ساعة فساعة على المنافع ، فلو قلنا بالانتقال كان ذلك قولا بانتقال ما لم يملك المورث إلى الوارث . انتهى كلامه .

أقول : فيه بحث ; لأنه قد مر في أول باب الأجر متى يستحق أن الأجرة تملك بأحد معان ثلاثة إما بشرط التعجيل ، أو بالتعجيل من غير شرط ، أو باستيفاء المعقود عليه . فلو قلنا بالانتقال في الصورتين الأوليين فيما إذا مات المؤجر لم يلزم القول بانتقال ما لم يملك المورث إلى الوارث ; لأن المورث قد كان ملك الأجرة في حال حياته بتعجيل الأجرة أو بشرط تعجيلها ، فالتعليل الذي ذكره صاحب العناية ، وإن تم في حق المنفعة لم يتم في حق الأجرة . والأظهر في تعليل هذه المسألة أن يفصل فيستدل على انفساخ الإجارة بموت كل واحد من المؤجر والمستأجر بعلة مستقلة كما وقع في الكافي وكثير من الشروح سيما في النهاية نقلا عن المبسوط حيث قال فيها : ولنا طريقان : أحدهما في موت المؤجر فنقول المستحق بالعقد المنافع التي تحدث على ملك المؤجر [ ص: 146 ] وقد فات ذلك بموته فتبطل الإجارة لفوات المعقود عليه ; لأن رقبة الدار تنتقل إلى الوارث والمنفعة تحدث على ملك صاحب الرقبة لما أن الإجارة تتحدد في حق المعقود عليه بحسب ما يحدث من المنفعة ، وليس له ولاية إلزام العقد في ملك الغير .

والطريق الآخر في موت المستأجر أنه لو بقي العقد بعد موته إنما يبقى على أن يخلفه الوارث والمنفعة المجردة لا تورث ; ألا ترى أن المستعير إذا مات لا يخلفه وارثه في المنفعة ، وقد بينا أن المستعير مالك للمنفعة ، وهذا ; لأن الوراثة خلافة ولا يتصور ذلك إلا فيما يبقى وقتين ليكون ملك المورث في الوقت الأول ، ويخلفه الوارث فيه في الوقت الثاني ، والمنفعة الموجودة في حياة المستأجر لا تبقى لتورث ، والتي تحدث بعدها لم تكن مملوكة له ليخلفه الوارث فيها فالملك لا يسبق الوجود ، وإذا ثبت انتفاء الإرث تعين بطلان العقد كعقد النكاح يرتفع بموت الزوج ; لأن وارثه لا يخلفه فيه ، كذا في المبسوط ، إلى هنا لفظ النهاية .




الخدمات العلمية