الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
قال ( وإذا صحت الكتابة خرج المكاتب عن يد المولى ولم يخرج عن ملكه ) [ ص: 160 ] أما الخروج من يده فلتحقيق معنى الكتابة وهو الضم فيضم مالكية يده إلى مالكية نفسه أو لتحقيق مقصود الكتابة وهو أداء البدل فيملك البيع والشراء والخروج إلى السفر وإن نهاه المولى ، وأما عدم الخروج عن ملكه فلما روينا ، ولأنه عقد معاوضة ومبناه على المساواة ، وينعدم ذلك بتنجز العتق ويتحقق بتأخره لأنه يثبت له نوع مالكية ويثبت له في الذمة حق من وجه ( فإن أعتقه عتق بعتقه ) لأنه مالك لرقبته ( وسقط عنه بدل الكتابة ) لأنه ما التزمه إلا مقابلا بحصول العتق به وقد حصل دونه .

قال ( وإذا وطئ المولى مكاتبته لزمه العقر ) لأنها صارت أخص بأجزائها توسلا إلى المقصود بالكتابة وهو الوصول إلى البدل من جانبه وإلى الحرية من جانبها بناء عليه ، ومنافع البضع ملحقة بالأجزاء والأعيان ( وإن جنى عليها أو على ولدها لزمته الجناية ) لما بينا ( وإن أتلف مالا لها غرم ) لأن المولى كالأجنبي في حق أكسابها ونفسها ، إذ لو لم يجعل كذلك لأتلفه المولى فيمتنع حصول الغرض المبتغى بالعقد ، والله أعلم بالصواب .

التالي السابق


( قوله أما الخروج من يده فلتحقيق معنى الكتابة وهو الضم فيضم مالكية يده إلى مالكية نفسه ) قال صاحب العناية [ ص: 161 ] في شرح هذا المحل : أما الخروج من يده فلتحقيق معنى الكتابة لغة وهو الضم فيضم مالكية يده الحاصلة في الحال إلى مالكية نفسه التي تحصل عند الأداء . وقال : فإن قيل : ضم الشيء إلى الشيء يقتضي وجودهما ومالكية النفس في الحال ليست بموجودة فكيف يتحقق الضم ؟ أجيب بأن مالكية النفس قبل الأداء ثابتة من وجه ، ولهذا لو جنى عليه المولى وجب عليه الأرش ، وإن وطئ المكاتبة لزمه العقر فيتحقق الضم ، انتهى كلامه . أقول : فيه خلل ، لأن هذا الجواب ينافي قوله فيما قبل إلى مالكية نفسه التي تحصل عند الأداء ، لأن مقتضى هذا الجواب أن يكون المضموم والمضموم إليه موجودين في الحال ، والمدلول ما قاله أولا أن يكون المضموم إليه حاصلا عند الأداء لا في الحال ، وإلا يلزم أن يكون قوله التي تحصل عند الأداء لغوا محضا كما لا يخفى . ثم إن بعض الفضلاء بعد أن تنبه لما قلنا قال ولا يخفى عليك أيضا أن الجواب عن هذا السؤال لا يحتاج إلى هذا ، بل يجوز أن يقال : الضم إنما يتحقق حين وجود مالكية النفس على قياس ضم النجم إلى النجم انتهى . أقول : ليس هذا بسديد ، إذ لو كفى تحقق الضم حين مالكية النفس لبطل أصل كلام المصنف وهو قوله أما الخروج من يده فلتحقيق معنى الكتابة وهو الضم ، فإن تحقق الضم حين مالكية النفس لا يتوقف على الخروج من يده في الحال ، بل يتيسر بالخروج من يده حين مالكية النفس التي تحصل عند الأداء على ما مر ، ومبنى السؤال والجواب على تصحيح كلام المصنف فلا بد من المصير إلى تحقيق معنى الضم في الحال

.



الخدمات العلمية