الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
قال ( وتبطل المساقاة بالموت ) لأنها في معنى الإجارة وقد بيناه فيها ، فإن مات رب الأرض والخارج بسر فللعامل أن يقوم عليه كما كان يقوم قبل ذلك إلى أن يدرك الثمر ، وإن كره ذلك ورثة رب الأرض استحسانا فيبقى العقد دفعا للضرر عنه ، ولا ضرر فيه على الآخر ( ولو التزم العامل الضرر يتخير ورثة الآخر بين أن يقسموا البسر على الشرط وبين أن يعطوه قيمة نصيبه من البسر وبين أن ينفقوا على البسر حتى يبلغ فيرجعوا بذلك في حصة العامل من الثمر لأنه ليس له إلحاق الضرر بهم ) ، وقد بينا نظيره في المزارعة ( ولو مات العامل فلورثته أن يقوموا عليه وإن كره رب الأرض ) لأن فيه النظر من الجانبين ( فإن أرادوا أن يصرموه بسرا كان صاحب الأرض بين الخيارات الثلاثة ) التي بيناها .

[ ص: 482 ] ( وإن ماتا جميعا فالخيار لورثة العامل ) لقيامهم مقامه ، وهذا خلافة في حق مالي وهو ترك الثمار على الأشجار إلى وقت الإدراك لا أن يكون وارثه في الخيار ( فإن أبى ورثة العامل أن يقوموا عليه كان الخيار في ذلك لورثة رب الأرض ) على ما وصفنا . قال ( وإذا انقضت مدة المعاملة والخارج بسر أخضر فهذا والأول سواء ، وللعامل أن يقوم عليها إلى أن يدرك لكن بغير أجر ) لأن الشجر لا يجوز استئجاره ، بخلاف المزارعة في هذا لأن الأرض يجوز استئجارها ، وكذلك العمل كله على العامل هاهنا وفي المزارعة في هذا عليهما ، لأنه لما وجب أجر مثل الأرض بعد انتهاء المدة على العامل لا يستحق عليه العمل وهاهنا لا أجر فجاز أن يستحق العمل كما يستحق قبل انتهائها .

التالي السابق


( قوله ولو التزم العامل الضرر يتخير ورثة الآخر بين أن يقتسموا البسر على الشرط ، وبين أن يعطوه قيمة نصيبه من البسر ، وبين أن ينفقوا على البسر حتى يبلغ فيرجعوا بذلك في حصة العامل من الثمر ) قال الإمام الزيلعي في شرح الكنز : وفي رجوعهم في حصته فقط إشكال .

[ ص: 482 ] وكان ينبغي أن يرجعوا عليه بجميعه لأن العامل إنما يستحق بالعمل وكان العمل كله عليه . ولهذا إذا اختار المضي أو لم يمت صاحبه كان العمل كله عليه . فلو رجعوا عليه بحصته فقط يؤدي إلى استحقاق العامل بلا عمل في بعض المدة ، وكذا هذا الإشكال وارد في المزارعة أيضا انتهى . وقال بعض الفضلاء بعد نقل ذلك :قلت : لا إشكال ، إذ معنى الكلام يرجعون في حصة العامل بجميع ما أنفقوا لا بحصته كما فهمه هذا العلامة انتهى . أقول : ما قاله ذلك البعض من المعنى خلاف ما صرحوا به في هذا المقام فإن عبارة الكافي للعلامة النسفي وعبارة شرح الكافي للحاكم الشهيد وعبارة غاية البيان وغيرها هكذا ، وإن شاءوا أنفقوا على البسر حتى يبلغ ويرجعوا بنصف نفقتهم في حصة العامل من الثمر كما مر في المزارعة انتهى . ولا شك أنها صريحة في أن ما يرجعون به نصف نفقتهم لا جميعها فأنى يتيسر الحمل على خلاف ذلك .




الخدمات العلمية