الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
قال ( ولا يؤكل من حيوان الماء إلا السمك ) وقال مالك وجماعة من أهل العلم بإطلاق جميع ما في البحر . واستثنى بعضهم الخنزير والكلب والإنسان .

وعن الشافعي أنه أطلق ذاك كله ، والخلاف في الأكل والبيع واحد لهم قوله تعالى [ ص: 503 ] { أحل لكم صيد البحر } من غير فصل ، وقوله عليه الصلاة والسلام في البحر { هو الطهور ماؤه والحل ميتته } ولأنه لا دم في هذه الأشياء إذ الدموي لا يسكن الماء والمحرم هو الدم فأشبه السمك . قلنا : قوله تعالى {ويحرم عليهم الخبائث } وما سوى السمك خبيث . { ونهى رسول الله عليه الصلاة والسلام عن دواء يتخذ فيه الضفدع } ، ونهى عن بيع السرطان والصيد المذكور فيما تلا محمول على الاصطياد وهو مباح فيما لا يحل ، والميتة المذكورة فيما روى محمولة على السمك وهو حلال مستثنى من ذلك لقوله عليه الصلاة والسلام { أحلت لنا ميتتان ودمان ، أما الميتتان فالسمك والجراد وأما الدمان فالكبد والطحال } قال ( ويكره أكل الطافي منه ) وقال مالك والشافعي رحمهما الله لا بأس به لإطلاق ما روينا ، ولأن ميتة البحر موصوفة بالحل بالحديث . ولنا ما روى جابر رضي الله عنه عن . النبي عليه الصلاة والسلام أنه قال { ما نضب عنه الماء فكلوا ، وما لفظه الماء فكلوا ، وما طفا فلا تأكلوا } وعن جماعة من الصحابة مثل مذهبنا ، وميتة البحر ما لفظه البحر ليكون موته مضافا إلى البحر لا ما مات فيه من غير آفة .

[ ص: 503 ]

التالي السابق


[ ص: 503 ] قوله لهم قوله تعالى { أحل لكم صيد البحر } من غير فصل ) أقول : الظاهر أن ضمير لهم راجع إلى جميع من خالفنا في هذه المسألة على التفصيل المذكور ، إذا لم يذكر فيما بعد سوى دليل أئمتنا ، مع أن التمسك بهذه الآية على الوجه المذكور لا يتمشى على قول من قال منهم باستثناء الخنزير والكلب والإنسان كما مر ذلك أيضا ، إذ على ذلك القول يلزم الفصل كما لا يخفى فتأمل

( قوله ولأن ميتة البحر موصوفة بالحل للحديث ) أقول : لا يذهب على الفطن أن هذا القدر من الاستدلال لا يفيد مدعى مالك والشافعي بدون المصير إلى إطلاق ذلك الحديث أيضا للسمك الطافي وعند ذلك لا يظهر وجه جعله دليلا مستقلا كما هو مقتضى تحرير المصنف ، بل ينبغي أن يقال لإطلاق ما روينا وإطلاق حديث حل ميتة البحر .




الخدمات العلمية