الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
قال تعالى : ( ومن يبتغ غير الإسلام دينا فلن يقبل منه وهو في الآخرة من الخاسرين ( 85 ) ) .

قوله تعالى : ( ومن يبتغ غير ) : الجمهور على إظهار الغينين وروي عن أبي عمرو الإدغام ، وهو ضعيف ; لأن كسرة الغين الأولى تدل على الياء المحذوفة . و ( دينا ) : تمييز ، ويجوز أن يكون مفعول يبتغ . و ( غير ) : صفة قدمت عليه فصارت حالا . ( وهو في الآخرة من الخاسرين ) : هو في الإعراب مثل قوله : ( وإنه في الآخرة لمن الصالحين ) [ البقرة : 130 ] وقد ذكر .

قال تعالى : ( كيف يهدي الله قوما كفروا بعد إيمانهم وشهدوا أن الرسول حق وجاءهم البينات والله لا يهدي القوم الظالمين ( 86 ) ) .

قوله تعالى : ( كيف يهدي الله ) : حال أو ظرف ، والعامل فيها يهدي ، وقد تقدم نظيره . ( وشهدوا ) : فيه ثلاثة أوجه : أحدها هو حال من الضمير في كفروا ، وقد معه مقدرة ، ولا يجوز أن يكون العامل يهدي ; لأنه يهدي من " شهد أن الرسول حق " . والثاني : أن يكون معطوفا على كفروا ; أي كيف يهديهم بعد اجتماع الأمرين . والثالث : أن يكون التقدير : وأن شهدوا ; أي بعد أن آمنوا ، وأن شهدوا فيكون في موضع جر .

قال تعالى : ( أولئك جزاؤهم أن عليهم لعنة الله والملائكة والناس أجمعين ( 87 ) ) .

قوله تعالى : ( أولئك ) : مبتدأ و ( جزاؤهم ) : مبتدأ ثان ; و ( أن عليهم لعنة الله ) : أن واسمها وخبرها خبر جزاء ; أي جزاؤهم اللعنة . ويجوز أن يكون جزاؤهم بدلا من أولئك بدل الاشتمال .

[ ص: 224 ] قال تعالى : ( خالدين فيها لا يخفف عنهم العذاب ولا هم ينظرون ( 88 ) ) .

قوله تعالى : ( خالدين فيها ) : حال من الهاء والميم في عليهم ، والعامل فيها الجار ، أو ما يتعلق به ، وفيها : يعني اللعنة .

قال تعالى : ( إن الذين كفروا وماتوا وهم كفار فلن يقبل من أحدهم ملء الأرض ذهبا ولو افتدى به أولئك لهم عذاب أليم وما لهم من ناصرين ( 91 ) ) .

قوله تعالى : ( ذهبا ) : تمييز ، والهاء في به تعود على الملء أو على ذهب .

قال تعالى : ( لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون وما تنفقوا من شيء فإن الله به عليم ( 92 ) ) .

قوله تعالى : ( مما تحبون ) : " ما " بمعنى الذي ، أو نكرة موصوفة . ولا يجوز أن تكون مصدرية ; لأن المحبة لا تنفق . فإن جعلت المصدر بمعنى المفعول ، فهو جائز على رأي أبي علي . ( وما تنفقوا من شيء ) : قد ذكر نظيره في البقرة . والهاء في : به تعود على " ما " أو على " شيء " .

التالي السابق


الخدمات العلمية