الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
قال تعالى : ( وما وجدنا لأكثرهم من عهد وإن وجدنا أكثرهم لفاسقين ) ( 102 ) .

قوله تعالى : ( لأكثرهم ) : هو حال من " عهد " . ومن زائدة ؛ أي : ما وجدنا عهدا لأكثرهم .

( وإن وجدنا ) : مخففة من الثقيلة ، واسمها محذوف ؛ أي : وإنا وجدنا . واللام في " لفاسقين " لازمة لها ؛ لتفصل بين أن المخففة وبين إن بمعنى " ما " ، وقال الكوفيون : من الثقيلة " إن " بمعنى " ما " ، وقد ذكر في البقرة عند قوله : ( وإن كانت لكبيرة ) [ البقرة : 143 ] .

[ ص: 436 ] قوله تعالى : ( كيف كان ) : كيف في موضع نصب خبر كان . ( عاقبة ) : اسمها ، والجملة في موضع نصب بـ " فانظر " .

قال تعالى : ( حقيق على أن لا أقول على الله إلا الحق قد جئتكم ببينة من ربكم فأرسل معي بني إسرائيل ) ( 105 ) .

قوله تعالى : ( حقيق ) : هو مبتدأ ، وخبره " أن لا أقول " على قراءة من شدد الياء في " علي " ، و " علي " متعلق بـ " حقيق " ، والجيد أن يكون " أن لا " فاعل " حقيق " ؛ لأنه ناب عن حق علي ، ويقرأ على إلا ، والمعنى واجب بأن لا أقول ، وحقيق هاهنا على الصحيح صفة لرسول ، أو خبر ثان ، كما تقول أنا حقيق بكذا ؛ أي : أحق . وقيل : المعنى على قراءة من شدد الياء أن يكون " حقيق " صفة لرسول ، وما بعده مبتدأ وخبر ؛ أي : على قول الحق .

قال تعالى : ( فألقى عصاه فإذا هي ثعبان مبين ) ( 107 ) .

قوله تعالى : ( فإذا هي ) : " إذا " للمفاجأة ، وهي مكان ، وما بعدها مبتدأ . و ( ثعبان ) : خبره . وقيل : هي ظرف زمان ، وقد أشبعنا القول فيها فيما تقدم .

قال تعالى : ( يريد أن يخرجكم من أرضكم فماذا تأمرون ) ( 110 ) .

قوله تعالى : ( فماذا تأمرون ) : هو مثل قوله : ( ماذا ينفقون ) . وقد ذكر في البقرة ، وفي المعنى وجهان : أحدهما : أنه من تمام الحكاية عن قول الملأ . والثاني : أنه مستأنف من قول فرعون تقديره : فقال ماذا تأمرون ، ويدل عليه ما بعده ، وهو قوله : " قالوا أرجه وأخاه " ، و " أرجئه " : يقرأ بالهمزة وضم الهاء من غير إشباع ، وهو الجيد ، وبالإشباع وهو ضعيف ؛ لأن الهاء خفية ؛ فكأن الواو التي بعدها تتلو الهمزة ، وهو قريب من الجمع بين ساكنين ، ومن هنا ضعف قولهم : عليه مال بالإشباع .

ويقرأ بكسر الهاء مع الهمز ، وهو ضعيف ؛ لأن الهمز حرف صحيح ساكن ، فليس قبل الهاء ما يقتضي الكسر ، ووجهه أنه أتبع الهاء كسرة الجيم ، والحاجز غير حصين .

ويقرأ من غير همز : من أرجيت بالياء ، ثم منهم من يكسر الهاء ويشبعها ، ومنهم من لا يشبعها ، ومنهم من يسكنها ، وقد بينا ذلك في ( يؤده إليك ) [ آل عمران : 75 ] .

[ ص: 437 ] قال تعالى : ( يأتوك بكل ساحر عليم ) ( 112 ) .

قوله تعالى : ( بكل ساحر ) : يقرأ بألف بعد السين ، وألف بعد الحاء مع التشديد ، وهو الكثير .

قال تعالى : ( وجاء السحرة فرعون قالوا إن لنا لأجرا إن كنا نحن الغالبين ) ( 113 ) .

قوله تعالى : ( أئن لنا ) : يقرأ بهمزتين على الاستفهام والتحقيق والتليين على ما تقدم ، وبهمزة واحدة على الخبر .

قال تعالى : ( قالوا يا موسى إما أن تلقي وإما أن نكون نحن الملقين ) ( 115 ) .

قوله تعالى : ( إما أن تلقي ) : في موضع أن والفعل وجهان : أحدهما : رفع ؛ أي : أمرنا إما الإلقاء . والثاني : نصب ؛ أي : إما أن تفعل الإلقاء .

قال تعالى : ( قال ألقوا فلما ألقوا سحروا أعين الناس واسترهبوهم وجاءوا بسحر عظيم ) ( 116 ) .

قوله تعالى : ( واسترهبوهم ) : أي : طلبوا إرهابهم . وقيل : هو بمعنى أرهبوهم ، مثل قر واستقر .

التالي السابق


الخدمات العلمية