الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
قال تعالى : ( ويوم يحشرهم جميعا يا معشر الجن قد استكثرتم من الإنس وقال أولياؤهم من الإنس ربنا استمتع بعضنا ببعض وبلغنا أجلنا الذي أجلت لنا قال النار مثواكم خالدين فيها إلا ما شاء الله إن ربك حكيم عليم ) ( 128 ) .

[ ص: 402 ] قوله تعالى : ( ويوم يحشرهم ) : أي : واذكر يوم . أو : ونقول يوم يحشرهم : " يا معشر الجن " . و ( من الإنس ) : حال من " أولياؤهم " . وقرئ " آجالنا " على الجمع . " الذي " على التذكير والإفراد .

وقال أبو علي : هو جنس أوقع الذي موقع التي .

( خالدين فيها ) : حال ، وفي العامل فيها وجهان : أحدهما : المثوى على أنه مصدر بمعنى الثواء ، والتقدير : النار ذات ثوائكم .

والثاني : العامل فيه معنى الإضافة ، ومثواكم مكان ، والمكان لا يعمل .

( إلا ما شاء الله ) : هو استثناء من غير الجنس .

ويجوز أن يكون من الجنس على وجهين : أحدهما : أن يكون استثناء من الزمان ، والمعنى يدل عليه ؛ لأن الخلود يدل على الأبد ؛ فكأنه قال : خالدين فيها في كل زمان إلا ما شاء الله ؛ أي : إلا زمن مشيئة الله .

والثاني : أن تكون : " ما " بمعنى " من " .

قال تعالى : ( يا معشر الجن والإنس ألم يأتكم رسل منكم يقصون عليكم آياتي وينذرونكم لقاء يومكم هذا قالوا شهدنا على أنفسنا وغرتهم الحياة الدنيا وشهدوا على أنفسهم أنهم كانوا كافرين ) ( 130 ) .

قوله تعالى : ( يقصون ) في موضع رفع صفة لرسل ، ويجوز أن يكون حالا من الضمير في " منكم " .

قال تعالى : ( ذلك أن لم يكن ربك مهلك القرى بظلم وأهلها غافلون ) ( 131 ) .

قوله تعالى : ( ذلك ) : هو خبر مبتدأ محذوف ؛ أي : الأمر ذلك .

( أن لم ) : أن مصدرية أو مخففة من الثقيلة ، واللام محذوفة ؛ أي : ؛ لأن لم يكن ربك ، وموضعه نصب ، أو جر على الخلاف . ( بظلم ) : في موضع الحال ، أو مفعول به يتعلق بمهلك .

[ ص: 403 ] قال تعالى : ( ولكل درجات مما عملوا وما ربك بغافل عما يعملون ) ( 132 ) .

قوله تعالى : ( ولكل ) : أي : ولكل أحد . ( مما ) : في موضع رفع صفة لدرجات .

قال تعالى : ( وربك الغني ذو الرحمة إن يشأ يذهبكم ويستخلف من بعدكم ما يشاء كما أنشأكم من ذرية قوم آخرين ) ( 133 ) .

قوله تعالى : ( كما أنشأكم ) : الكاف في موضع نصب صفة لمصدر محذوف ؛ أي : استخلافا كما . و ( من ذرية ) : لابتداء الغاية . وقيل : هي بمعنى البدل ؛ أي : كما أنشأكم بدلا من ذرية " قوم " .

قال تعالى : ( إن ما توعدون لآت وما أنتم بمعجزين ) ( 134 ) .

قوله تعالى : ( إن ما توعدون ) : ما بمعنى الذي . و " لآت " خبر إن ، ولا يجوز أن تكون " ما " هاهنا كافة ؛ لأن قوله لآت يمنع ذلك .

قال تعالى : ( قل يا قوم اعملوا على مكانتكم إني عامل فسوف تعلمون من تكون له عاقبة الدار إنه لا يفلح الظالمون ) ( 135 ) .

قوله تعالى : ( من تكون ) : يجوز أن تكون " من " بمعنى الذي ، وأن تكون استفهاما مثل قوله : " أعلم من يضل " .

قال تعالى : ( وجعلوا لله مما ذرأ من الحرث والأنعام نصيبا فقالوا هذا لله بزعمهم وهذا لشركائنا فما كان لشركائهم فلا يصل إلى الله وما كان لله فهو يصل إلى شركائهم ساء ما يحكمون ) ( 136 ) .

قوله تعالى : ( مما ذرأ ) : يجوز أن يتعلق بجعل ، وأن يكون حالا من نصيب .

و ( من الحرث ) : يجوز أن يكون متعلقا بذرأ ، وأن يكون حالا من " ما " أو من العائد المحذوف .

التالي السابق


الخدمات العلمية