الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
قال تعالى : ( والوزن يومئذ الحق فمن ثقلت موازينه فأولئك هم المفلحون ) ( 8 ) .

قوله تعالى : ( والوزن ) : فيه وجهان : أحدهما : هو مبتدأ ، و ( يومئذ ) : خبره ، والعامل في الظرف محذوف ؛ أي والوزن كائن يومئذ . و ( الحق ) : صفة للوزن ، أو خبر مبتدأ محذوف . والثاني : أن يكون الوزن خبر مبتدأ محذوف ؛ أي : هذا الوزن . ويومئذ ظرف ، ولا يجوز على هذا أن يكون الحق صفة ؛ لئلا يفصل بين الموصول وصلته .

قال تعالى : ( ومن خفت موازينه فأولئك الذين خسروا أنفسهم بما كانوا بآياتنا يظلمون ) ( 9 ) .

قوله تعالى : ( بما كانوا ) : " ما " مصدرية ؛ أي : بظلمهم ، والباء متعلقة بخسروا .

قوله تعالى : ( معايش ) : الصحيح أن الياء لا تهمز هنا ؛ لأنها أصلية ، وحركت لأنها في الأصل محركة ، ووزنها معيشة كمحبسة ، وأجاز قوم أن يكون أصلها الفتح ، وأعلت بالتسكين في الواحد كما أعلت في يعيش ، وهمزها قوم ، وهو بعيد جدا ، ووجهه أنه شبه الأصلية الزائدة ، نحو سفينة وسفائن . ( قليلا ما تشكرون ) : مثل الذي تقدم .

قال تعالى : ( ولقد خلقناكم ثم صورناكم ثم قلنا للملائكة اسجدوا لآدم فسجدوا إلا إبليس لم يكن من الساجدين ) ( 11 ) .

قوله تعالى : ( ولقد خلقناكم ) : أي إياكم . وقيل : الكاف للجنس المخاطب ، وهنا مواضع كثيرة قد تقدمت . ( لم يكن ) : في موضع الحال .

قال تعالى : ( قال ما منعك ألا تسجد إذ أمرتك قال أنا خير منه خلقتني من نار وخلقته من طين ) ( 12 ) .

[ ص: 417 ] قوله تعالى : ( ألا ) : في موضع الحال . و ( إذ ) : ظرف لتسجد .

قوله تعالى : ( خلقتني من نار ) : الجار في موضع الحال ؛ أي : خلقتني كائنا من نار ، ويجوز أن يكون لابتداء الغاية ، فيتعلق بخلقتني ، ولا زائدة ؛ أي : وما منعك أن تسجد .

قال تعالى : ( قال فاهبط منها فما يكون لك أن تتكبر فيها فاخرج إنك من الصاغرين ) ( 13 ) .

قوله تعالى : ( فيها ) : يجوز أن يكون حالا ، ويجوز أن يكون ظرفا .

قال تعالى : ( قال فبما أغويتني لأقعدن لهم صراطك المستقيم ) ( 16 ) .

قوله تعالى : ( فبما ) : الباء تتعلق بـ ( لأقعدن ) وقيل : الباء بمعنى اللام . ( صراطك ) : ظرف . وقيل التقدير : على صراطك .

قال تعالى : ( ثم لآتينهم من بين أيديهم ومن خلفهم وعن أيمانهم وعن شمائلهم ولا تجد أكثرهم شاكرين ) ( 17 ) .

قوله تعالى : ( وعن شمائلهم ) : هو جمع شمال ، ولو جمع أشملة وشملاء جاز .

قال تعالى : ( قال اخرج منها مذءوما مدحورا لمن تبعك منهم لأملأن جهنم منكم أجمعين ) ( 18 ) .

قوله تعالى : ( مذءوما ) : يقرأ بالهمز ، وهو من ذأمته إذا عبته ، ويقرأ : " مذوما " بالواو من غير همز ، وفيه وجهان : أحدهما : أنه ألقى حركة الهمزة على الذال وحذفها . والثاني : أن يكون أصله مذيما ؛ لأن الفعل منه ذامه يذيمه ذيما ، فأبدلت الياء واوا ، كما قالوا في مكيل : مكول ، وفي مشيب : مشوب ، وهو وما بعده حالان ، ويجوز أن يكون " مدحورا " حالا من الضمير في " مذءوما " . : ( لمن ) : في موضع رفع بالابتداء ، وسد القسم المقدر وجوابه مسد الخبر ، وهو قوله : ( لأملأن ) . و ( منكم ) : خطاب لجماعة ، ولم يتقدم إلا خطاب واحد ، ولكن نزله منزلة الجماعة ؛ لأنه رئيسهم ، أو لأنه رجع من الغيبة إلى الخطاب ، والمعنى واحد .

قال تعالى : ( ويا آدم اسكن أنت وزوجك الجنة فكلا من حيث شئتما ولا تقربا هذه الشجرة فتكونا من الظالمين ) ( 19 ) .

قوله تعالى : ( هذه الشجرة ) : يقرأ هذي بغير هاء ، والأصل في " ذا " : ذي لقولهم في التصغير : ذيا فحذفت الياء الثانية تخفيفا ، وقلبت الياء الأولى ألفا ؛ لئلا تبقى مثل كي ، فإذا خاطبت المؤنث ، ردت الياء ، وكسرت الذال ؛ لئلا يجتمع عليه التأنيث والتغيير . وأما الهاء فجعلت عوضا من المحذوف حين رد إلى الأصل ، ووصلت بياء ؛ لأنها مثل هاء الضمير في اللفظ .

التالي السابق


الخدمات العلمية