قال تعالى : ( ولما سقط في أيديهم ورأوا أنهم قد ضلوا قالوا لئن لم يرحمنا ربنا ويغفر لنا لنكونن من الخاسرين ) ( 149 ) .
قوله تعالى : ( سقط في أيديهم ) : الجار والمجرور قائم مقام الفاعل ، والتقدير : سقط الندم في أيديهم .
[ ص: 444 ] قال تعالى : ( أعجلتم أمر ربكم وألقى الألواح وأخذ برأس أخيه يجره إليه قال ابن أم إن القوم استضعفوني وكادوا يقتلونني فلا تشمت بي الأعداء ولا تجعلني مع القوم الظالمين ولما رجع موسى إلى قومه غضبان أسفا قال بئسما خلفتموني من بعدي ) ( 150 ) .
قوله تعالى : ( غضبان ) : حال من موسى . و ( أسفا ) : حال آخر بدل من التي قبلها .
ويجوز أن يكون حالا من الضمير الذي في غضبان .
قوله تعالى : ( يجره إليه ) : يجوز أن يكون حالا من موسى ، وأن يكون حالا من الرأس ، ويضعف أن يكون حالا من أخيه . ( قال ابن أم ) : يقرأ بكسر الميم ، والكسرة تدل على الياء المحذوفة ، وبفتحها ، وفيه وجهان : أحدهما : أن الألف محذوفة ، وأصل الألف الياء ، وفتحت الميم قبلها ، فانقلبت ألفا ، وبقيت الفتحة تدل عليها ، كما قالوا : يا بنت عما . والوجه الثاني أن يكون جعل ابن والأم بمنزلة خمسة عشر ، وبناهما على الفتح .
( فلا تشمت ) : الجمهور على ضم التاء ، وكسر الميم . و ( الأعداء ) : مفعوله ، وقرئ بفتح التاء والميم ، والأعداء فاعله ، والنهي في اللفظ للأعداء ، وفي المعنى لغيرهم ، وهو موسى كما تقول لا أرينك هاهنا ، وقرئ بفتح التاء والميم ، ونصب الأعداء ؛ والتقدير : لا تشمت أنت بي ، فتشمت بي الأعداء ، فحذف الفعل .
قال تعالى : ( والذين عملوا السيئات ثم تابوا من بعدها وآمنوا إن ربك من بعدها لغفور رحيم ) ( 135 ) .
قوله تعالى : ( والذين عملوا السيئات ) : مبتدأ ، والخبر " إن ربك بعدها لغفور رحيم " والعائد محذوف ؛ أي : غفور لهم ، أو رحيم بهم .
قال تعالى : ( للذين هم لربهم يرهبون ولما سكت عن موسى الغضب أخذ الألواح وفي نسختها هدى ورحمة ) ( 154 ) .
قوله تعالى : ( وفي نسختها هدى ) : الجملة حال من الألواح .
( لربهم يرهبون ) : في اللام ثلاثة أوجه : أحدها : هي بمعنى من أجل ربهم [ ص: 445 ] فمفعول يرهبون على هذا محذوف ؛ أي : يرهبون عقابه . والثاني : هي متعلقة بفعل محذوف ، تقديره : والذين هم يخشعون لربهم . والثالث : هي زائدة ، وحسن ذلك لما تأخر الفعل .
قال تعالى : ( فلما أخذتهم الرجفة قال رب لو شئت أهلكتهم من قبل وإياي أتهلكنا بما فعل السفهاء منا إن هي إلا فتنتك تضل بها من تشاء وتهدي من تشاء أنت ولينا فاغفر لنا وارحمنا وأنت خير الغافرين واختار موسى قومه سبعين رجلا لميقاتنا ) ( 155 ) .
قوله تعالى : ( واختار موسى قومه ) : اختيار يتعدى إلى مفعولين ، أحدهما بحرف الجر ، وقد حذف هاهنا ، والتقدير : من قومه . ولا يجوز أن يكون " سبعين " بدلا عند الأكثرين ؛ لأن المبدل منه في نية الطرح ، والاختيار لا بد له من مختار ، ومختار منه ، والبدل يسقط المختار منه ، وأرى أن البدل جائز على ضعف ، ويكون التقدير " سبعين رجلا منهم " . ( أتهلكنا ) : قيل : هو استفهام ؛ أي : أتعمنا بالإهلاك . وقيل : معناه النفي ؛ أي : ما تهلك من لم يذنب . و ( منا ) : حال من السفهاء . ( تضل بها ) : يجوز أن يكون مستأنفا ، ويجوز أن يكون حالا من الكاف في فتنتك ، إذ ليس هنا ما يصلح أن يعمل في الحال .