الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
( ولو قال إذا ولدت ولدا فهو حر فولدت ولدا ميتا ثم آخر حيا عتق الحي وحده عند أبي حنيفة ، وقالا : لا يعتق واحد منهما ) لأن الشرط قد تحقق بولادة الميت على ما بينا فتنحل اليمين لا إلى جزاء لأن الميت ليس بمحل للحرية وهي الجزاء . ولأبي حنيفة أن مطلق اسم الولد مقيد بوصف الحياة لأنه قصد إثبات الحرية جزاء وهي قوة حكمية تظهر في دفع تسلط الغير ولا تثبت في الميت فيتقيد بوصف الحياة فصار كما إذا قال إذا ولدت ولدا حيا ، بخلاف جزاء الطلاق وحرية الأم [ ص: 163 ] لأنه لا يصلح مقيدا

التالي السابق


( قوله ولو قال إذا ولدت ولدا فهو حر فولدت ولدا ميتا ثم آخر حيا عتق الحي وحده عند أبي حنيفة ، وقال : لا يعتق واحد منهما لأن الشرط قد تحقق بولادة الميت على ما بينا ) آنفا لكنه ليس محلا للعتق فتنحل اليمين به ولا ينزل الجزاء ، كما لو قال إن دخلت الدار فأنت طالق فأبانها فانقضت عدتها فدخلت انحلت اليمين ولا يحنث ، حتى لو رجعت فدخلت لا يقع .

ولأبي حنيفة أن الشرط ليس إلا الولد الحي هنا ، بخلاف ما قبله ، وهذا لأنه جعل الجزاء وصفا للموصوف بالشرط وهو الولد ، وهذا الوصف الخاص وهو الحرية لا يكون إلا في الحي فتقيد الموصوف بالشرط بالحياة وإلا لغي الكلام ، فكأنه قال إذا ولدت ولدا حيا ، بخلاف جزاء الطلاق للأم وحريتها لأنه لا يصلح مقيدا للولد بالحي لأن الحرية والطلاق واقع وصفا لغيره فلا يلزم تقييده به . وأورد عليه ما لو قيل إن اشتريت عبدا فهو حر فاشترى عبدا لغيره ثم عبدا لنفسه لا يعتق الثاني لانحلال اليمين بالأول ولم يتقيد ضرورة وصفه بالحرية بعبد لنفسه .

أجيب بأن المشتري لغيره محل للإعتاق لصحة ثبوته فيه موقوفا على إجازة مالكه فانحلت اليمين به ولم يحتج إلى إضمار الملك فيه . أما الميت فلا يصح إيجاب العتق فيه لا موقوفا ولا غيره ، وبهذا يقع الجواب عما قد يورد من أن قوله إن دخلت فأنت طالق فإن الموصوف بالجزاء هو الموصوف بالشرط ، ومع هذا لو أبانها فانقضت عدتها فدخلت انحلت ولم يقع بعد ولم يضمر قوله إن دخلت الدار في عصمتي ونحوه لأنها بعد انقضاء العدة محل لمثل هذا المعنى ; لأنه لو قال إن تزوجتك فأنت طالق صح وتوقف على نكاحها فتطلق عنده بذلك الطلاق .

وفي الإيضاح لو قال أول عبد دخل علي فهو حر فأدخل عليه عبد ميت ثم عبد حي يعتق الحي ولم يذكر الخلاف . والصحيح [ ص: 163 ] أنه على الاتفاق لأن العبودية لا تبقى بعد الموت . ولو قال أول عبد أملكه فهو حر فاشترى عبدا ونصفا معا عتق التام . بخلاف ما لو قال أول كر أملكه فهو هدي فملك كرا ونصفا كذلك لم يهد شيئا لأن النصف يزاحم كل نصف من الكر لأنه مع كل نصف منه كر بخلاف نصف العبد فإنه متصل بالنصف الآخر فيكمل العبد بنصفيه ، ذكره التمرتاشي والمرغيناني




الخدمات العلمية