الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
( ومن له على آخر دراهم فسرق منه مثلها لم يقطع لأنه استيفاء لحقه ) ، والحال والمؤجل فيه سواء استحسانا لأن التأجيل لتأخير المطالبة ، وكذا إذا سرق زيادة على حقه لأنه بمقدار حقه يصير شريكا فيه ( وإن سرق منه عروضا قطع ) لأنه ليس له ولاية الاستيفاء منه إلا بيعا بالتراضي . وعن أبي يوسف أنه لا يقطع لأن له أن يأخذه عند بعض العلماء قضاء من حقه أو رهنا بحقه . قلنا : هذا قول لا يستند إلى دليل ظاهر فلا يعتبر بدون اتصال الدعوى به ، حتى لو ادعى ذلك درئ عنه الحد لأنه ظن في موضع الخلاف ، ولو كان حقه دراهم فسرق منه دنانير قيل يقطع لأنه ليس له حق الأخذ ، وقيل لا يقطع لأن النقود جنس واحد

التالي السابق


( قوله ومن له على آخر دراهم فسرق مثلها لم يقطع لأنه استيفاء لحقه ، والحال والمؤجل في عدم القطع سواء استحسانا لأن التأجيل لتأخير المطالبة ) والقياس أن يقطع لأنه لا يباح له أخذه قبل الأجل . وجه الاستحسان أن ثبوت الحق وإن تأخرت المطالبة يصير شبهة دارئة وإن كان لا يلزمه الإعطاء الآن ( وكذا لو سرق أكثر من حقه ) لا يقطع ( لأن بالزيادة يصير شريكا في ذلك المال ) بمقدار حقه ، ولا فرق بين كون المديون المسروق منه مماطلا أو غير مماطل ، خلافا للشافعي في تفصيله بين المماطل فلا يقطع به وغير المماطل فيقطع . ولو أخذ من غير جنس حقه ، فإن كان حقه دراهم أو دنانير فأخذ عروضا قطع لأنه ليس له أخذها ، اللهم إلا أن يقول : أخذتها رهنا بديني فلا يقطع ( وعن أبي يوسف لا يقطع لأن له أن يأخذه عند بعض العلماء نقل عن ابن أبي ليلى ) قضاء لحقه أو رهنا به ( قلنا : هذا قول لا يستند إلى دليل ظاهر ) فلا يصير شبهة دارئة إلا إن ادعى ذلك ( وإن كان دراهم فأخذ دنانير ) أو على القلب اختلف فيه ( قيل يقطع ) لأنها لا تصير قصاصا بحقه ، وإنما يقع بيعا فلا يصح إلا بالتراضي فليس له أخذها ( وقيل لا يقطع ) للمجانسة بينهما من حيث الثمنية ، ويقطع لو سرق حليا من فضة ودينه دراهم ، ولو سرق المكاتب [ ص: 378 ] أو العبد من غريم المولى قطع إلا أن يكون المولى وكلهما بالقبض لأن حق الأخذ حينئذ لهما . ولو سرق من غريم أبيه أو غريم ولده الكبير أو غريم مكاتبه أو غريم عبده المأذون المديون قطع لأن حق الأخذ لغيره . ولو سرق من غريم ابنه الصغير لا يقطع .




الخدمات العلمية