الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
( ولا يقطع السارق إلا أن يحضر المسروق منه فيطالب بالسرقة ) لأن الخصومة شرط لظهورها ، ولا فرق بين الشهادة والإقرار عندنا خلافا للشافعي في الإقرار ، لأن الجناية على مال الغير لا تظهر إلا بخصومته ، [ ص: 401 ] وكذا إذا غاب عند القطع عندنا ، لأن الاستيفاء من القضاء في باب الحدود

التالي السابق


( قوله ولا يقطع السارق إلا أن يحضر المسروق منه فيطالب بالسرقة ، لأن الخصومة شرط لظهور السرقة ) والخصم هو المسروق منه فلا بد من حضوره وهو قول الشافعي وأحمد وقال مالك وأبو ثور : لا تشترط المطالبة لعموم الآية وكما في حد الزنا .

وقوله ( ولا فرق بين الشهادة والإقرار عندنا خلافا للشافعي في الإقرار ) هو خلاف الأصح عنده ، والأصح عنده أن الإقرار كالبينة . يعني إذا أقر عند الحاكم إني سرقت مال فلان نصابا من حرز لا شبهة فيه فإنه لا يقطعه حتى يحضر فلان ويدعي . وما ذكره عن الشافعي رواية عن أبي يوسف لأن خصومة العبد ليس إلا ليظهر سبب القطع الذي هو حق الله تعالى . وبالإقرار يظهر السبب فلا حاجة إلى ظهوره . والجواب أنه ما لم يظهر تصديق المقر له في المقر به فهو للمقر ظاهرا . ولهذا لو أقر لغائب ثم لحاضر جاز ، ولأن شبهة الإباحة بإباحة المالك للمسلمين أو بطائفة السارق منهم ثابتة . وكذا شبهة وجود [ ص: 401 ] إذنه له في دخوله في بيته فاعتبرت المطالبة دفعا لهذه الشبهة .

بخلاف الزنا فإنه لا يباح بإباحة بوجه من الوجوه فلم تتمكن فيه هذه الشبهة . والحق احتمال إباحة المالك ونحوه هي الشبهة الموهومة التي سينفيها المصنف وسيتضح لك ، فالمعول عليه ما ذكرنا من أن ملك المقرر قائم ما لم يصدقه المقر له ( قوله وكذا إذا غاب ) المسروق منه ( عند القطع ) لا يقطع حتى يحضر ، وبه قال الشافعي وأحمد خلافا لمالك ( لأن الإمضاء من القضاء في الحدود ) على ما مر ، وعلى ظاهر كلام المصنف يكون التشبيه في ثبوت خلاف الشافعي ، لكن علمت أن الأصح أنه كقولنا ، ولما ثبت أن المطالبة شرط شرع من بيان من له المطالبة فقال




الخدمات العلمية