الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
( ومن قطع الطريق ليلا أو نهارا في المصر أو بين الكوفة والحيرة فليس بقاطع الطريق ) استحسانا .

وفي القياس يكون قاطع الطريق وهو قول الشافعي لوجوده حقيقة . وعن أبي يوسف أنه يجب الحد إذا كان خارج المصر إن كان بقربه ; لأنه لا يلحقه الغوث . [ ص: 432 ] وعنه إن قاتلوا نهارا بالسلاح أو ليلا به أو بالخشب فهم قطاع الطريق لأن السلاح لا يلبث والغوث يبطئ بالليالي ، ونحن نقول : إن قطع الطريق بقطع المارة ولا يتحقق ذلك في المصر ويقرب منه ; لأن الظاهر لحوق الغوث ، إلا أنهم يؤخذون برد المال أيضا لا للحق إلى المستحق ، ويؤدبون ويحبسون لارتكابهم الجناية ، ولو قتلوا فالأمر فيه إلى الأولياء لما بينا

التالي السابق


( قوله : ومن قطع الطريق ليلا أو نهارا في المصر أو بين الكوفة والحيرة ) وهي منزل النعمان بن المنذر قريب من الكوفة بحيث يتصل عمران إحداهما بالأخرى ( فليس بقاطع الطريق استحسانا ) وكذا بين القريتين ، وحد بعضهم مكان القطع أن يكون في قرية بينها وبين المصر مسيرة سفر في ظاهر الرواية ( وفي القياس ) أن ( يكون قاطعا وهو قول الشافعي ) فإن في وجيزهم : من أخذ في البلد مالا مغالبة فهو قاطع طريق ( وعن أبي يوسف أنه ) إذا كان خارج المصر ولو بقرب منه يجب الحد ; لأنه لا يلحقه الغوث ; لأنه محارب بل مجاهرته هنا أغلظ من مجاهرته في المفازة . ولا تفصيل في النص في مكان القطع .

وعن مالك كل من أخذ المال على وجه لا يمكن لصاحبه الاستغاثة فهو محارب . وعنه لا محاربة إلا على قدر ثلاثة أميال من العمران . وتوقف أحمد مرة وأكثر أصحابه أن يكون بموضع لا يلحقه الغوث ( وعن أبي يوسف ) في رواية أخرى إن قصده [ ص: 432 ] بالسلاح نهارا في المصر فهو قاطع ، وإن كان بغيره من الخشب ونحوه فليس بقاطع ، وفي الليل يكون قاطعا بالخشب والحجر ( لأن السلاح لا يلبث ) فيتحقق القطع قبل الغوث ( والغوث يبطئ بالليالي ) فيتحقق بلا سلاح . وفي شرح الطحاوي : الفتوى على قول أبي يوسف . قال المصنف ( ونحن نقول : إن قطع الطريق بقطع المارة ، ولا يتحقق ذلك في المصر وما يقرب منه لأن الظاهر لحوق الغوث ) وأنت تعلم أن الحد المذكور في الآية لم ينط بمسمى قطع الطريق ، وإنما هو اسم بين الناس ، وإنما أنيط بمحاربة عباد الله على ما ذكرنا من تقدير المضاف وذلك يتحقق في المصر وخارجه ، ثم هذا الدليل المذكور لا يفيد تعيين مسيرة ثلاثة أيام بين المصر والقاطع .

ولا شك في أن ليس لحوق الغوث في ذلك المقدار ظاهرا وهو ما علل به للظاهر ، وإذا قلنا : إنهم ليسوا قطاعا فسبيلهم أن يضربوا ويحبسوا ، وإن قتلوا لزم القصاص وأحكامه ، وإن أخذوا مالا ضمنوه إذا أتلفوه ، وعلى تقدير أنهم قطاع إن قتلوا قتلوا حدا فلا يقبل عفو الأولياء فيهم ثم لا يضمنون على ما سمعت .

وقوله ( لما بينا ) أي من قوله لظهور حق العبد عند اندفاع الحد




الخدمات العلمية