الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
( ومن قال : إن كان لي إلا مائة درهم فامرأته طالق فلا يملك إلا خمسين درهما لم يحنث ) لأن المقصود منه عرفا نفي ما زاد على المائة ولأن استثناء المائة استثناؤها بجميع أجزائها ( وكذلك لو قال غير مائة أو سوى مائة ) لأن كل ذلك أداة الاستثناء .

التالي السابق


( قوله : ومن قال : إن كان لي إلا مائة درهم فامرأته طالق فلم يملك إلا خمسين لم يحنث ; لأن المقصود منه عرفا نفي ما زاد على المائة ) فيصدق على الخمسين ، إذ يصدق أن الخمسين ليس زائدا على المائة . وأما بالنظر إلى اللفظ فلا يصح إلا على جعل المستثنى مسكوتا على حكمه ، فإن معنى اللفظ ليس لي مال إلا مائة فالمائة مخرجة من نفي المال ، فإذا قلنا : إن المستثنى مسكوت فتكون المائة غير محكوم عليها بأنها في ملكه بل ولا متعرضا لها بإثبات بوجه من الوجوه ، وهذا قول طائفة من المشايخ . وأما على جعله مثبتا بطريق الإشارة كما هو قول طائفة أخرى ، أو على أن الاستثناء من النفي إثبات وهو مختارنا ، وصرح به المصنف فقال : الاستثناء من النفي إثبات في هذا الكتاب فيحنث لفظا ; لأنه حلف على أن له مائة . وأما قول المصنف ( ولأن استثناء المائة استثناؤها بجميع أجزائها ) فظاهره [ ص: 202 ] أنه وجه مقابل لقوله ; لأن المقصود منه عرفا إلخ وهو أن يكون مدلولا له ومعلوم أن إخراجها ليس إلا من النفي ، وحاصله إخراج جميع أجزاء المائة من عدم الملك ، فلو صح كان الحلف على نفي خمسين من ملكه فكان يحنث فليس المعول عليه إلا وجه العرف ، بخلاف ما لو ادعى أنه أعطى زيدا مائة مثلا فقال زيد : لم يعطني إلا خمسين فقال : إن كنت أعطيته إلا مائة فإنه يحنث بالأقل ، وكذا إذا اختلف في قدر الدين فقال : لي عليه مائة وقال الآخر : خمسون فقال : إن كان لي عليه إلا مائة فهذا لنفي النقصان ; لأنه قصد بيمينه الرد على المنكر . وفي الجامع الصغير : عبده حر إن كنت أملك إلا خمسين فملك عشرة لم يحنث ; لأنها بعض المستثنى ، ولو ملك زيادة على الخمسين إن كان من جنس مال الزكاة حنث وإلا لا ; ألا ترى أنه لو قال : مالي صدقة ينصرف إلى مال الزكاة أو حلف ما لي مال لا يحنث إلا بمال الزكاة . وفي خزانة الأكمل : لو قال امرأته طالق إن كان له مال وله عروض وضياع ودور لغير التجارة لم يحنث ، والمسألة تأتي إن شاء الله تعالى .




الخدمات العلمية