الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
( وإذا شهدوا على رجل أنه زنى بفلانة وفلانة غائبة فإنه يحد ، وإن شهدوا أنه سرق من فلان وهو غائب لم يقطع ) والفرق أن بالغيبة تنعدم الدعوى وهي شرط في السرقة دون الزنا ، وبالحضور يتوهم دعوى الشبهة ولا معتبر بالموهوم

التالي السابق


( قوله وإذا شهدوا على رجل أنه زنى بفلانة وهي غائبة فإنه يحد ) أجمع الأئمة الأربعة عليه ، وكذا لو أقر بالزنا بغائبة يحد الرجل بإجماعهم لحديث ماعز فإنه أقر بغائبة على ما تقدم ذكره ورحمه عليه الصلاة والسلام . ونقل أبو الليث عن أبي حنيفة أنه كان يقول أولا : لا يحد حتى تحضر المرأة لاحتمال أن تحضر فتدعي ما يسقط الحد من نكاح مثلا ونحوه ، ثم رجع إلى قول الكل ، وسيظهر وجه بطلان القول الأول ( وإن شهدوا أنه سرق من فلان وهو غائب لم يقطع . والفرق أن بالغيبة تنعدم الدعوى والدعوى شرط في السرقة ) للعمل بالبينة لأن الشهادة بالسرقة تتضمن الشهادة بملك المسروق للمسروق منه ، والشهادة للمرء على المرء لا تقبل بلا دعوى وليست شرطا لثبوت الزنا عند القاضي ، وطولب بالفرق بين القصاص إذا كان بين شريكين وأحدهما غائب ليس للحاضر استيفاؤه لجواز أن يحضر فيقر بالعفو وبين الشهادة بزنا الغائبة فإن الثابت في كل منهما شبهة الشبهة .

أجيب بالمنع بل الثابت في صورة القصاص نفس الشبهة وهي احتمال العفو فإن العفو ليس شبهة بل حقيقة المسقط فاحتماله هو الشبهة ، وإنما تكون شبهة الشبهة لو كان العفو نفسه شبهة فيكون احتماله شبهة الشبهة ، بخلاف الغائبة فإن نفس دعواها النكاح مثلا شبهة ، فاحتمال دعواها ذلك شبهة الشبهة ، واعتبارها باطل وإلا أدى إلى نفي كل حد فإن ثبوته بالبينة أو الإقرار ، والذي يثبت به يحتمل أن يرجع عنه ، وكذا الشهود يحتمل أن يرجعوا ، فلو اعتبرت شبهة الشبهة انتفى كل حد . وجه أنه شبهة الشبهة أن نفس رجوع المقر والشاهد شبهة لأنه [ ص: 284 ] يحتمل كذبه في الرجوع فاحتمال الرجوع شبهة الشبهة




الخدمات العلمية