الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[ ص: 416 ] قال ( ومن سرق سرقات فقطع في إحداها فهو لجميعها ، ولا يضمن شيئا عند أبي حنيفة رحمه الله ، وقالا : يضمن كلها إلا التي قطع لها ) ومعنى المسألة إذا حضر أحدهم ، فإن حضروا جميعا وقطعت يده لخصومتهم لا يضمن شيئا بالاتفاق في السرقات كلها . لهما أن الحاضر ليس بنائب عن الغائب . ولا بد من الخصومة لتظهر السرقة فلم تظهر السرقة من الغائبين فلم يقع القطع لها فبقيت أموالهم معصومة . وله أن الواجب بالكل قطع واحد حقا لله تعالى لأن مبنى الحدود على التداخل والخصومة شرط للظهور عند القاضي ، فإذا استوفى فالمستوفى كل الواجب ; ألا يرى أنه يرجع نفعه [ ص: 417 ] إلى الكل فيقع عن الكل ، وعلى هذا الخلاف إذا كانت النصب كلها لواحد فخاصم في البعض ، والله تعالى أعلم .

التالي السابق


( قوله ومن سرق سرقات فقطع في إحداها ) بخصومة صاحبها وحده ( فهو ) أي ذلك القطع ( لجميعها ولا يضمن شيئا ) لأرباب تلك السرقات ( عند أبي حنيفة وقالا : يضمن كلها إلا ) السرقة ( التي قطع فيها ، فإن حضروا جميعا وقطعت يده بخصومتهم لا يضمن شيئا ) من السرقات ( بالاتفاق لهما أن الحاضر ليس نائبا عن الغائب ، ولا بد من الخصومة لتظهر السرقة ) .

ولا خصومة من الغائب فلم تظهر الخصومة منهم فلم يظهر القطع بسرقاتهم ( فبقيت أموالهم معصومة . وله أن الواجب بالكل قطع واحد حقا لله تعالى لأن مبنى الحدود على التداخل . والخصومة شرط للظهور عند الحاكم ) فإذا كان الحكم الشرعي [ ص: 417 ] الثابت في نفس الأمر هو التداخل ومعناه وقوع الحد الواحد عن كل الأسباب السابقة وقد وجد لزم وقوعه عنها وهو ملزوم لسقوط ضمانها كلها في نفس الأمر علم القاضي بها أو لم يعلم ، ولا أثر لعدم علمه بها في نفي الحكم الثابت شرعا عند القطع وهو وقوعه عن كل الأسباب وهو يستلزم سقوط ضمانها فكان سقوط الضمان ثابتا وهو المطلوب .




الخدمات العلمية