الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
( فإن زوجها فجاءت بولد فهو في حكم أمه ) ; لأن حق الحرية يسري إلى الولد كالتدبير ; ألا ترى أن ولد الحرة حر وولد القنة رقيق والنسب يثبت من الزوج ; لأن الفراش له ، وإن كان النكاح فاسدا إذ الفاسد ملحق بالصحيح في حق الأحكام ، ولو ادعاه المولى لا يثبت نسبه منه ; لأنه ثابت النسب من غيره ، [ ص: 41 ] ويعتق الولد وتصير أمه أم ولد له لإقراره .

التالي السابق


( قوله : فإن زوجها المولى فجاءت بولد ) يعني من الزوج ( فهو في حكم أمه ) حتى لا يجوز للسيد بيعه ولا هبته ولا رهنه ويعتق بموته من كل المال ولا يسعى لأحد ، وله [ ص: 41 ] استخدامه ، وإجارته ، إلا أنه إذا كان جارية لا يستمتع بها ; لأنه وطئ أمها ، وهذه إجماعية وهي واردة على إطلاقه حيث قال : هو في حكم أمه ، وهذا لأن الصفات القارة في الأمهات تسري إلى الولد ; لأنه جزؤها فيحدث الولد على صفتها كالتدبير ، ولهذا كان ولد القنة قنا ، وولد الحرة حرا ، وإن كان أبوه بخلافه ، ولو ادعاه لا يثبت نسبه منه ; لأنه ثابت النسب من الزوج ; لأن فراشه أقوى ، وإن كان النكاح فاسدا فإنه يلحق بالصحيح في حق الأحكام ، وهذا إذا اتصل به الدخول ، والنسب لا يتجزأ ثبوتا فلا يثبت من المولى ، والأوجه الاقتصار على قوة الفراش فلا يثبت معه المرجوح ، وإلا فالولد يثبت من اثنين كما سيذكر . وقول المصنف ; لأن الفراش له يقتضي أن لا فراش للمولى حال كونها زوجة للغير أصلا ، وهذا إذا جاءت به لستة أشهر من النكاح ، فإن جاءت به لأقل فهو ابن للسيد والنكاح فاسد ، ويستحب بل يجب أن لا يزوجها حتى يستبرئها بحيضة احتياطا ، ولو لم يفعل صح النكاح ويثبت نسب الولد من الزوج ثم يعتق بدعوة المولى ، وإن لم يثبت نسبه منه ; لإقراره بحريته حيث اعترف بأنه ابنه فإن ابنه من أمته يعلق حرا كما تقدم غير أنه عارضه في ثبوت النسب منه معارض أقوى منه فلم يثبت نسبه به ، ولم يعارضه في ثبوت الحرية به ذلك فأخذ بزعمه .

ولم يستحسن قول المصنف وتصير أم ولد له ; لأن الكلام في تزويج أم الولد ، وإنما يستحسن لو كان في تزويج الأمة التي ليست أم ولد كالصورة المذكورة في المبسوط : زوج أمته من عبده فولدت فادعاه لا يثبت نسبه منه ، ولكن تصير أم ولد له تعتق بموته ; لأنه أقر لها بحق الحرية ، وقد تكلف له أن قوله وولد القنة قن ابتداء وما بعده بناء عليه فكأنه قال : ولد القنة قن ونسبه يثبت من الزوج إذا زوجها مولاها ، وحينئذ يستقيم إلا أنه خلاف الظاهر ; لأنه إنما ذكر لبيان سراية وصف الأم إلى الولد فيكون ابن أم الولد بمنزلها ( قوله : ويعتق الولد ) أي ولد أم الولد المزوجة الذي ادعاه بعتق ; لأنه ملكه وهو يزعم أنه ابنه . ( وتصير أمه أم ولد له ) تعتق بموته ; لأنه أقر لها بحق الحرية حيث ادعى أن ولدها منه وعتق الولد ظاهر بل قد اعترف بأنه علق الولد حرا من الأصل .

فإن قيل : فكيف تثبت أمومية الولد مع عدم ثبوت النسب وهي مبنية عليه ؟ أجيب بأن مجرد الإقرار بالاستيلاد كاف لثبوت الاستيلاد ، وإن كان في ضمن ما لم يثبت ، وهذا ما تقدم وعده مع أن احتمال كونه من السيد قائم ; لجوازه بوطء قبل النكاح ، إلا أنه لم يظهر هذا الاحتمال في حق ثبوت النسب ; لثبوته من الزوج فبقي معتبرا في الأم لحاجتها إلى الأمومية الموصلة إلى العتق .




الخدمات العلمية